قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} مَعْنَاهُ: لِئَلَّا تَزُولَا، وَقيل: كَرَاهَة أَن تَزُولَا.
وَقَوله: {وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده} أَي: لَا يمسكهما أحد سواهُ، فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: {وَلَئِن زالتا} وَهِي لَا تَزُول؟
وَالْجَوَاب: أَن الله تَعَالَى قد قَالَ: {تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا أَن دعوا للرحمن ولدا} وَالله تَعَالَى يمسكهما عَن هَذِه الْأَشْيَاء. وَفِي بعض الْآثَار: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب، كَيفَ أعلم [أَنَّك] لَا تنام؟ فَوضع فِي يَدَيْهِ قَارُورَتَيْنِ على مَا ذكرنَا.
وَفِي بعض التفاسير: أَن الأَرْض ثَقيلَة متسلفة، وَالسَّمَاء خَفِيفَة مستطيرة، وَقد ألصق الله تَعَالَى أَطْرَاف السَّمَوَات بأطراف الْأَرْضين، فالسماء تمنع الأَرْض بتصعدها عَن التسفل، وَالْأَرْض تمنع السَّمَاء بثقلها عَن الصعُود، حَكَاهُ النقاش، وَالله أعلم.
وَقَوله: {إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} فَإِن قيل: مَا معنى ذكر الْحلم هَا هُنَا؟
قُلْنَا: لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء هَمت بِمَا هَمت عُقُوبَة للْكفَّار، فَأَمْسكهَا الله تَعَالَى، وَلم يَدعهَا أَن تَزُول تركا للمعالجة فِي الْعقُوبَة، وَكَانَ ذَلِك حلما مِنْهُ جلّ جَلَاله.