أَن النَّبِي قَالَ: " تخرج الدَّابَّة وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان، فتجلو وَجه الْمُؤمن، وتحطم وَجه الْكَافِر، حَتَّى إِن الْقَوْم يَجْتَمعُونَ على الخوان فَتَقول: هَذَا لهَذَا يَا كَافِر، وَتقول: هَذَا لهَذَا يَا مُؤمن ". قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الْخَبَر أَبُو عبد الله عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن سراج، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن مَحْبُوب، أخبرنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، أخبرنَا عبد بن حميد، عَن روح بن عبَادَة، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، الحَدِيث.
وَفِي التَّفْسِير: أَن دَابَّة الأَرْض تسم وَجه الْمُؤمن بنكتة بَيْضَاء، فيبيض بهَا وَجهه، وَتَسِم وَجه الْكَافِر بنكتة سَوْدَاء، فيسود بهَا وَجهه. وَعَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا وَقع لقَوْل عَلَيْهِم} ثمَّ قَالَ: طوفوا بِالْبَيْتِ قبل أَن يرفع، واقرءوا الْقُرْآن قبل أَن يرفع، وَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله قبل أَن تنسى، ثمَّ ذكر أَنه يَأْتِي زمَان ينسى النَّاس فِيهِ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله، وَتَقَع النَّاس فِي أشعار الْجَاهِلِيَّة.
وَقَوله: {تكلمهم} وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير وَعَاصِم الجحدري: " تكلمهم " أَي: تجرحهم، والكلم هُوَ الْجراحَة، وَيُقَال: تسمهم، قَالَ الشَّاعِر:
((فِي الْكَلم مطرقا يكذب عَن إعرابه ... بِنَقص الْآيَة الْكَلم إِذا الْكَلم التَّام))
وَالْقِرَاءَة لمعروفة: {تكلمهم} وَقَالَ بعض أهل لعلم: ظُهُور الْآيَة مِنْهَا كَلَام، ونطق على وَجه الْمجَاز لَا أَنَّهَا تَتَكَلَّم، وَالأَصَح أَنَّهَا تَتَكَلَّم، وَاخْتلف القَوْل أَنَّهَا بِمَاذَا تَتَكَلَّم؟ فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَن كَلَامهَا أَن هَذَا مُؤمن وَهَذَا كَافِر، وَالْقَوْل الآخر: أَنَّهَا تَتَكَلَّم بِمَا قَالَ الله تَعَالَى: {أَن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون} .
وَقُرِئَ: " أَن " و " إِن " بِنصب الْألف وكسره، فَمن قَرَأَ " أَن " بِنصب الْألف فَمَعْنَاه: بِأَن، وَمن قَرَأَ: " إِن " فعلى الِاسْتِئْنَاف، وَقَرَأَ أبي بن كَعْب: " دَابَّة تنبئهم "، وَفِي بعض