قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} فِيهِ أَقْوَال: قَالَ مُجَاهِد: الَّذين ملكت أَيْمَانكُم هم العبيد، وَعَن بَعضهم: أَنهم الْإِمَاء، رُوِيَ هَذَا عَن ابْن عمر، وَالأَصَح أَنه فِي العبيد وَالْإِمَاء.
قَوْله: {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} لَيْسَ هَؤُلَاءِ هم الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء، فَإِن الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء لَا حشمة لأحد مِنْهُم؛ لأَنا بَينا أَنهم الَّذين لَا يميزون، وَلَكِن هَؤُلَاءِ هم الَّذين ميزوا، وَعرفُوا أَمر النِّسَاء، وَلَكِن لم يبلغُوا.
قَوْله: {ثَلَاث مَرَّات} أَي: اسْتَأْذنُوا ثَلَاث مَرَّات.
وَقَوله: {من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} خص هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاثَة بِالْأَمر بالاستئذان؛ لِأَنَّهَا أَوْقَات ينْكَشف فِيهَا النَّاس ويبدوا مِنْهُم مَا لَا يحبونَ أَن يرَاهُ أحد، فَإِن قبل الْفجْر ينتبهون من النّوم فينكشفون، وَعند الظهيرة يلقون ثِيَابهمْ ليقيلوا، وَبعد الْعشَاء (الْأَخير) ينكشفون للنوم، فَأمر الله تَعَالَى بالاستئذان فِي هَذِه الْأَوْقَات الثَّلَاثَة لهَذَا الْمَعْنى، وَالْمرَاد من الْآيَة: اسْتِئْذَان الخدم وَالصبيان، فَأَما غَيرهم يستأذنون فِي جَمِيع الْأَحْوَال،