تفسير السمعاني (صفحة 4148)

{وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} الْإِسْلَام كرها ".

وَقَوله: {ارتضى لَهُم} اخْتَار لَهُم.

وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ لعدي بن حَاتِم: " لَيظْهرَن الله هَذَا الدّين، حَتَّى تخرج الظعينة من الْحيرَة تؤم بَيت الله، لَا تخَاف إِلَّا الله وَالذِّئْب على غنمها ". قَالَ عدي بن حَاتِم: فَقلت فِي نَفسِي: فَأَيْنَ اللُّصُوص؟ قَالَ عدي: وَلَقَد رَأَيْت مَا قَالَه رَسُول الله.

وَقَوله: {وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} . هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْنَاهُ، وَقد رُوِيَ أَن أَصْحَاب رَسُول الله حِين كَانُوا بِمَكَّة لم يَكُونُوا يصلونَ إِلَّا مختفين، وَكَانَ الْوَاحِد مِنْهُم يحفظ صَاحبه حَتَّى يُصَلِّي، وَصَاحبه يحفظه حَتَّى يُصَلِّي، ثمَّ إِنَّهُم لما هَاجرُوا أمنُوا وعبدوا الله جَهرا، ومازال يزْدَاد الْأَمْن إِلَى زَمَاننَا هَذَا ... الحَدِيث.

وَقَوله: {يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا} يَعْنِي: يعبدونني آمِنين وَلَا يشركُونَ.

وَقَوله: {وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} أَكثر أهل التَّفْسِير على أَنه لَيْسَ الْكفْر هَاهُنَا هُوَ الْكفْر بِاللَّه، وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ كفران النِّعْمَة بترك الطَّاعَة، فَلهَذَا قَالَ: {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} وَمِنْهُم من قَالَ: هُوَ الْكفْر بِاللَّه، وَالأَصَح هُوَ الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015