{يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار (37) لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا عمِلُوا ويزيدهم من فَضله وَالله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب (38) وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب} قَالَ: يضع الله يَوْم الْقِيَامَة مَنَابِر من نور، وَيَقُول: أَيْن الَّذين لم تلههم تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله؟ فَيقومُونَ فيجلسهم عَلَيْهَا.
وَقَالَ الْفراء: التِّجَارَة مَا بيع من الجلب، وَالْبيع مَا بِعْت على يدك.
وَقَوله: {وإقام الصَّلَاة} فَإِن قيل: إِذا حملتم ذكر الله على الصَّلَوَات الْخمس فَمَا معنى قَوْله: {وإقام الصَّلَاة} ؟ قُلْنَا: مَعْنَاهُ حفظ الْمَوَاقِيت، وَمن لم يحفظ الْمَوَاقِيت فَلم يقم الصَّلَاة. وَقَوله: {وإقام الصَّلَاة} أَي: وَإِقَامَة الصَّلَاة، فحذفت الْهَاء بِحكم الْإِضَافَة. قَالَ الشَّاعِر:
(إِن الخليط أجدوا الْبَين فانجردوا ... وأخلفوك عدي الْأَمر الَّذِي وعدوا)
أَي: عدَّة الْأُمُور.
وَقَوله: {وإيتاء الزَّكَاة} مِنْهُم من قَالَ: هِيَ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وَمِنْهُم من قَالَ: الْأَعْمَال الصَّالِحَة.
وَقَوله: {يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار} أَي: تتقلب الْقُلُوب عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا من الشَّك وَالْكفْر، وتنفتح فِيهِ الْأَبْصَار من الأغطية، وَيُقَال: يتقلب الْقلب [بَين الْخَوْف] والرجاء، فَإِنَّهُ يخَاف الْهَلَاك، ويطمع النجَاة، وَأما تقلب الْبَصَر حَتَّى من أَيْن يُؤْتى كِتَابه؛ من شِمَاله أَو من يَمِينه، وَقَالَ: تتقلب الْقُلُوب فِي الْجوف، وترتفع إِلَى الحنجرة فَلَا تَزُول وَلَا تخرج، وَأما تقلب الْبَصَر شخوصه من هول الْأَمر وشدته.