وَالْقَوْل الرَّابِع: رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة الْوَالِبِي، عَن ابْن عَبَّاس أَن معنى الْآيَة: الزَّانِي لَا يَزْنِي إِلَّا بزانية، وَمعنى النِّكَاح [هُوَ الْوَطْء] ، قَالَ الزّجاج: وَهَذَا القَوْل ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ لم يرد فِي الْقُرْآن ذكر النِّكَاح بِمَعْنى الْوَطْء.
وَالْقَوْل الْخَامِس - وَهُوَ أحسن الْأَقَاوِيل - قَول سعيد بن الْمسيب: أَن الْآيَة مَنْسُوخَة، وَقد كَانَ فِي حكم الْإِسْلَام لَا يجوز أَن يتَزَوَّج الزَّانِي بالمزني بهَا. قَالَ عبد الله بن مَسْعُود. إِذا تزوج الزَّانِي بالزانية فهما زانيان أبدا. قَالَ سعيد بن الْمسيب: ثمَّ نسخ هَذَا بقوله تَعَالَى: {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} والزانية أيم، فَيجوز التَّزَوُّج بهَا للزاني وَغَيره، وَالدَّلِيل على أَن الحكم الْآن هَذَا، مَا رُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ جَالِسا فِي الْمَسْجِد وَعِنْده عمر، فجَاء رجل وَقد دهش، وَكَانَ بِهِ لوث، فَقَالَ أَبُو بكر: قد جَاءَ هَذَا لأمر، سَله يَا عمر، فَقَالَ لَهُ عمر: مَا شَأْنك؟ فَذكر أَنه جَاءَهُ ضيف، وَأَن الضَّيْف زنى بابنته، فَقَالَ لَهُ عمر: قبحك الله، ودق على صَدره، وَقَالَ: هلا سترت على ابْنَتك، ثمَّ دَعَا بِالرجلِ وَالْمَرْأَة، فَأمر أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - أَن يجلد الْجلد، (ثمَّ زوج الْمَرْأَة من الرجل) وَذكر أَبُو عبيد - رَحمَه الله - أَنه يكره للرجل أَن يتَزَوَّج بالفاجرة، وَإِن فجرت امْرَأَته اسْتحبَّ لَهُ طَلاقهَا، قَالَ: وَأما الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَن النَّبِي " أَن رجلا أَتَاهُ وَقَالَ: إِن امْرَأَتي لَا ترد يَد لامس، فَقَالَ: طَلقهَا فَقَالَ: إِنِّي أحبها. قَالَ: استمتع بهَا. قَالَ أَبُو [عبيد] هَذَا الْخَبَر نقل