تفسير السمعاني (صفحة 3913)

{النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ (14) ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون}

وَقَوله: {فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة} المضغة هِيَ الْقطعَة من اللَّحْم.

وَقَوله: {فخلقنا المضغة عظما} وقري: " عظاما "، وَالْمعْنَى وَاحِد. قَالَ الشَّاعِر:

(فِي حلقهم عظم وَقد شجينا ... )

أَي: فِي حُلُوقهمْ عِظَام.

وَيُقَال: إِن بَين كل خلقين أَرْبَعِينَ يَوْمًا.

وَقَوله: {فكسونا الْعِظَام لَحْمًا} أَي: ألبسنا.

وَقَوله: {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} الْأَكْثَرُونَ أَن المُرَاد مِنْهُ نفخ الرّوح فِيهِ، وَقَالَ الضَّحَّاك: اسْتِوَاء الشَّبَاب، وَعَن قَتَادَة قَالَ: نبت الْأَسْنَان، وَعَن الْحسن: ذكرا أَو أُنْثَى. وَفِي بعض التفاسير أَن الله ينْفخ فِيهِ الرّوح بعد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا من يَوْم وَقعت النُّطْفَة فِي الرَّحِم، وَلِهَذَا تقدرت عدَّة الْوَفَاة بِهَذَا الْقدر من الزَّمَان.

وَقَوله: {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} رُوِيَ أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - لما سمع هَذِه الْآيَة (قَالَ: فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ فَقَالَ النَّبِي: " هَكَذَا أنزل ". فَإِن قيل: هَذِه الْآيَة) تدل على أَنا نخلق أفعالنا؛ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} ، فَذكر الْخَالِقِينَ على وَجه الْجمع؟ الْجَواب أَن مَعْنَاهُ: أحسن المقدرين، وَقد ورد الْخلق بِمَعْنى التَّقْدِير، قَالَ الشَّاعِر:

(ولأنت تفري مَا خلقت وَبَعض ... الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفري)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015