قَوْله: {يتَوَارَى من الْقَوْم من سوء مَا بشر بِهِ} يَعْنِي: من كَرَاهَة مَا بشر بِهِ.
وَأما قَوْله: {ظلّ وَجهه مسودا وَهُوَ كظيم} مَعْنَاهُ: تغير وَجهه من الْغم، تَقول الْعَرَب: اسود وَجه فلَان، إِذا تغير بِمَا أَصَابَهُ من الْغم.
وَقَوله: {وَهُوَ كظيم} أَي: ممتلىء حزنا، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: حَزِين، وَقَالَ غَيره: امْتَلَأَ حزنا، فَهُوَ يكظمه، أَي: يمسِكهُ وَلَا يظهره.
وَأما قَوْله: {أيمسكه على هون} قَرَأَ الجحدري: " على هوان "، وَقَالَ الْكسَائي: الْهون والهوان بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالَت الخنساء شعرًا:
(نهين النُّفُوس ووهن النُّفُوس ... ليَوْم الكريهة أبقى لَهَا)
وَقَرَأَ عِيسَى بن عمر: " أم يدسها فِي التُّرَاب " وَيلْزمهُ على هَذِه الْقِرَاءَة أَن يقْرَأ: " أيمسكها "، وَأما على الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة فَإِنَّهَا تَنْصَرِف إِلَى لَفْظَة " مَا " وَمَا بِمَعْنى الَّذِي.
وَقَوله: (أم يدسه فِي التُّرَاب) أَي: يدفنه حَيا، وَعَن قَتَادَة قَالَ: رب أُنْثَى خير لأَهْلهَا من غُلَام، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مَا وضعت امْرَأَة بِنْتا إِلَّا وضع الْملك يَده على رَأسهَا وَقَالَ: ضَعِيفَة خرجت من ضَعِيفَة، الْمُنفق عَلَيْهَا معَان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".