قَوْله تَعَالَى: {وَقد مكر الَّذين من قبلهم} الْمَكْر: إِيصَال الْمَكْرُوه إِلَى الْإِنْسَان من حَيْثُ لَا يشْعر. قَوْله {فَللَّه الْمَكْر جَمِيعًا} أَي عِنْد الله جَزَاء مَكْرهمْ جَمِيعًا. وَقيل إِن الله خَالق مَكْرهمْ جَمِيعًا. وَقَوله: {يعلم مَا تكسب كل نفس} ظَاهر الْمَعْنى {وَسَيعْلَمُ الْكفَّار لمن عُقبى الدَّار} لمن عَاقِبَة الدَّار، وَالْآيَة تهديد ووعيد. وَقَوله: {وَيَقُول الَّذين كفرُوا لست مُرْسلا} ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا} أَي: شَاهدا {بيني وَبَيْنكُم} .
وَقَوله: {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ قَتَادَة: هُوَ عبد الله بن سَلام، وَقيل: عبد الله بن سَلام وسلمان الْفَارِسِي وَتَمِيم الدَّارِيّ، وعَلى هَذَا جمَاعَة من التَّابِعين، وَأنكر الشّعبِيّ وَعِكْرِمَة وَجَمَاعَة هَذَا القَوْل، وَقَالُوا: السُّورَة مَكِّيَّة، وَعبد الله بن سَلام أسلم بِالْمَدِينَةِ، وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى كَيفَ يستشهد بمخلوق، وَإِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ هُوَ الله تَعَالَى. وَقد قَرَأَ ابْن عَبَّاس: " وَمن عِنْده علم الْكتاب " وَهَذَا يبين أَن المُرَاد [مِنْهُ] هُوَ الله تَعَالَى.
وعنى عبد الله بن سَلام نَفسه، قَالَ: أَنا المُرَاد بِالْآيَةِ.
وَعَن الْحسن وَمُجاهد أَن المُرَاد هُوَ الله.
وَسَعِيد بن جُبَير قَالَ: هُوَ جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَالصَّحِيح أحد الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين، وَالله أعلم.