قَوْله تَعَالَى: {لَهُ دَعْوَة الْحق} هِيَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، هَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره، وَقيل: دَعْوَة الْحق هُوَ الدُّعَاء بالإخلاص، وَالدُّعَاء بالإخلاص لَا يكون إِلَّا لله، أَلا ترى أَن الله تَعَالَى قَالَ: { [فَادعوا] الله مُخلصين لَهُ الدّين} .
قَوْله: {وَالَّذين يدعونَ من دونه} يَعْنِي: الْأَصْنَام {لَا يستجيبون لَهُم بِشَيْء} يَعْنِي: لَا يجيبون لَهُم شَيْئا. وَقَوله: {إِلَّا كباسط كفيه إِلَى المَاء} . فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه كالقابض على المَاء، وَمن قبض على المَاء لم يبْق فِي يَده شَيْء. قَالَ الشَّاعِر:
(فَأَصْبَحت (فِيمَا) كَانَ بيني وَبَينهَا ... من الود مثل الْقَابِض المَاء بِالْيَدِ)
وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ الْمَعْرُوف - أَن قَوْله: {كباسط كفيه إِلَى المَاء} يَعْنِي: كالعطشان المشير بكفه إِلَى المَاء، وَبَينه وَبَين المَاء مَسَافَة لَا يصل إِلَيْهِ؛ فَهُوَ يُشِير بكفه وَيَدْعُو بِلِسَانِهِ، وَلَا يصل إِلَيْهِ؛ فَكَذَلِك من يدع الْأَصْنَام بِدفع أَو نفع لَا يصل إِلَى شَيْء بدعائه. وَقَوله: {ليبلغ فَاه} يَعْنِي: ليناله فَاه {وَمَا هُوَ ببالغه} وَمَا هُوَ بنائله.