قَوْله تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه} الْآيَة، فِي الْآيَة أَقْوَال، أظهرها: أَن المعقبات: الْمَلَائِكَة، والمعقبات المتداينات، يَعْنِي: يذهب بَعْضهَا وَيَأْتِي الْبَعْض فِي عَقبهَا، وَقد صَحَّ بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: إِن لله مَلَائِكَة يتعاقبون بَيْنكُم، ويجتمعون فِي صَلَاة الْفجْر وَصَلَاة الْعَصْر فيعرج الَّذين باتوا فِيكُم؛ فَيَقُول الله لَهُم: كَيفَ تركْتُم عبَادي؟ فَيَقُولُونَ: أتيناهم وهم يصلونَ، وتركناهم وهم يصلونَ.
القَوْل الثَّانِي هُوَ مَا رُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْآيَة فِي الْأُمَرَاء وحرسهم.
وَالْقَوْل الثَّالِث: مَا رُوِيَ عَن ابْن جريج أَنه قَالَ: الْآيَة فِي الَّذِي يقْعد عَن الْيَمين وَالشمَال يكْتب، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يتلَقَّى المتلقيان عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} .
وَقَوله: {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} الْأَكْثَرُونَ على أَن قَوْله: {من أَمر الله} وَمَعْنَاهُ: أَنهم يَحْفَظُونَهُ بِإِذن الله، فَإِذا جَاءَ الْقدر خلوا بَينه وَبَينه، وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى يُوكل مَلَائِكَة بالنائم يَحْفَظُونَهُ من الْحَيّ والهوام فَإِذا قَصده شَيْء، قَالُوا: وَرَاءَك وَرَاءَك إِلَّا شَيْئا قدر أَن يُصِيبهُ.