{فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فعرفهم وهم لَهُ منكرون (58) وَلما جهزهم بجهازهم قَالَ ائْتُونِي بِأَخ لكم من أبيكم أَلا ترَوْنَ أَنِّي أوفي الْكَيْل وَأَنا خير المنزلين (59) فَإِن لم}
قَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد: عرفهم بِأول مَا نظر إِلَيْهِم، وَقَالَ الْحسن: لم يعرفهُمْ حَتَّى تعرفوا إِلَيْهِ. وَمعنى الْآيَة: فعرفهم بالتعريف؛ والمعرفة: تبين الشَّيْء بِمَا لَو شوهد لميز بَينه وَبَين غَيره. وَقَوله: {وهم لَهُ منكرون} يَعْنِي: أَنهم لم يعرفوه؛ وَالْإِنْكَار إبِْطَال الْمعرفَة بالْقَوْل، فَإِن قَالَ قَائِل، كَيفَ عرفهم وَلم [يعرفوه] وهم إخْوَة؟ !
وَالْجَوَاب من وُجُوه: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: كَانَ عَلَيْهِ تَاج الْملك وَكَانَ قَاعِدا على سَرِير الْملك فَلم يعرفوه. وَذكر الْكَلْبِيّ أَنه كَانَ على زِيّ مُلُوك مصر والأعاجم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه كَلمهمْ من وَرَاء ستر فَلم يعرفوه لهَذَا وعرفهم؛ لِأَنَّهُ أبصرهم وَلم يعرفوه؛ لأَنهم لم يبصروه، وَهَذَا أَضْعَف الْأَقْوَال.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنهم كَانُوا تَرَكُوهُ صَغِيرا، وَكَانَ بَين أَن باعوه وَبَين أَن دخلُوا عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سنة فَلم يعرفوه لهَذَا. وَهَذَا قَول حسن. وَأما هُوَ فَكَانَ تَركهم رجَالًا.
وَالْقَوْل الرَّابِع: أَن يُوسُف كَانَ يتَوَقَّع قدومهم عَلَيْهِ فَلَمَّا [جَاءُوا] عرفهم، وَأما الْإِخْوَة مَا ظنُّوا أَنه يصل إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ [فأنكروه] لهَذَا.