قَوْله تَعَالَى: {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك} فِي الْآيَة سُؤال مَعْرُوف، وَهُوَ: أَنه قَالَ: {فَإِن كنت فِي شكّ} كَيفَ يجوز أَن يكون الرَّسُول فِي الشَّك حَتَّى يَقُول لَهُ: فَإِن كنت فِي شكّ؟ .
الْجَواب من وُجُوه: أَحدهَا: أَن الْخطاب مَعَه وَالْمرَاد مِنْهُ قومه، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} وأمثالها كَثِيرَة.
وَقَالَ بَعضهم: تَقْدِيره: فَإِن كنت فِي شكّ أَيهَا الشاك فأسأل الَّذين يقرءُون الْكتاب من قبلك.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن معنى الْآيَة: مَا كنت فِي شكّ.
وَقَوله: {فاسأل الَّذين يقرءُون الْكتاب من قبلك} زِيَادَة تثبيت؛ وَالَّذين يقرءُون الْكتاب: هم الَّذين أَسْلمُوا من الْيَهُود، مثل عبد الله بن سَلام، وَابْن يَامِين وَغَيرهمَا.
وَالْوَجْه الثَّالِث: هَذَا على عَادَة كَلَام الْعَرَبِيّ، فَإِن الرجل يَقُول لِابْنِهِ: افْعَل كَذَا إِن كنت ابْني، وَلَا يكون هَذَا على الشَّك، وَكَذَا يَقُول لغلامه: أَطْعمنِي إِن كنت عَبدِي، وَلَا يكون على الشَّك. ٍ
وَقَوله: {فاسأل الَّذين يقرءُون الْكتاب من قبلك} فَقَالَ: مرهم {فاسأل الَّذين يقرءُون الْكتاب من قبلك لقد جَاءَك الْحق من رَبك فَلَا تكونن من الممترين} من الشاكين، وَمَعْنَاهُ: دم على الْيَقِين الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ.
الْوَجْه الأول اخْتِيَار الزّجاج وَغَيره من أهل الْمعَانِي.