{الله أسْرع مكرا إِن رسلنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يسيركم فِي الْبر وَالْبَحْر حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم برِيح طيبَة وفرحوا بهَا جاءتها ريح عاصف} اللُّغَة: الْفلك تؤنث وتذكر. قَالَ الله تَعَالَى: {فِي الْفلك المشحون} وَقَالَ هَاهُنَا: {وجرين بهم} وَقَالُوا أَيْضا: إِن الْفلك يكون بِمَعْنى الْوَاحِد وَبِمَعْنى الْجمع. وَقَوله: {برِيح طيبَة} أَي: هينة لينَة.
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " الرّيح من روح الله، فسألوا الله من خَيرهَا، وتعوذوا بِاللَّه من شَرها ".
فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: {حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم} فَهَذَا تَغْيِير الْكَلَام عَن وَجهه؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْعَرَب تقيم المعاينة مقَام المخاطبة، والمخاطبة مقَام المعاينة، قَالَ الشَّاعِر:
(وشطت مَزَار العاشقين فَأَصْبَحت ... عسيرا على طلابك ابْنة مخرم)
وَمِنْهُم من قَالَ: معنى الْآيَة: حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم برِيح طيبَة يَا مُحَمَّد. وَقَوله: {وفرحوا بهَا جاءتها ريح عاصف} وَهِي الشَّدِيدَة الْمهْلكَة، قَالَ الشَّاعِر:
(فِي فيلق شهباء ملمومة ... تعصف بالحاسر والدارع)
وَقَوله: {وجاءهم الموج من كل مَكَان} الموج: مَا يظْهر على الْبَحْر من الرّيح.