{اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة من بعد مَا كَاد يزِيغ قُلُوب فريق مِنْهُم ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم إِنَّه بهم رءوف رَحِيم (117) وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض} ابْن عَبَّاس. وَرُوِيَ: " أَنهم عطشوا عطشا شَدِيدا حَتَّى نحرُوا الْإِبِل وعصروا كرشها وَشَرِبُوا مَا فِيهَا، ثمَّ إِن النَّبِي استسقى الله تَعَالَى فسقوا. هَكَذَا رَوَاهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَهَذَا هُوَ معنى الْعسرَة.
وَقَوله: {من بعد مَا كَاد يزِيغ} قرئَ: " تزِيغ ويزيغ " فَقَوله: " تزِيغ " منصرف إِلَى الْقُلُوب، وَقَوله: يزِيغ منصرف إِلَى الْفِعْل؛ كَأَنَّهُ قَالَ: يزِيغ الْفِعْل {قُلُوب فريق مِنْهُم} .
وَأما الزيغ فِي اللُّغَة: هُوَ الْميل، وَلَيْسَ المُرَاد من الْميل هُنَا هُوَ الْميل عَن الدّين، إِنَّمَا المُرَاد من الْميل هُوَ الْميل عَن مُتَابعَة رَسُول الله ونصرته فِي الْغَزْو، وَاخْتِيَار التَّخَلُّف من شدَّة الْعسرَة.
{ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم} فَإِن قَالَ قَائِل: مَا هَذَا التّكْرَار، فقد قَالَ فِي أول الْآيَة: {لقد تَابَ الله على النَّبِي} ؟ .
الْجَواب عَنهُ: أَنه ذكر التَّوْبَة فِي أول الْآيَة قبل ذكر الذَّنب - وَهُوَ مَحْض [تفضل] من الله، فَلَمَّا ذكر الذَّنب أعَاد ذكر التَّوْبَة، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْقبُول.
{إِنَّه بهم رءوف رَحِيم} مَعْلُوم الْمَعْنى.