تفسير السمعاني (صفحة 2152)

{فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عَدو لله تَبرأ مِنْهُ إِن إِبْرَاهِيم لأواه حَلِيم (114) }

الْجَواب عَنهُ: قَالَ بعض أهل الْمعَانِي: يحْتَمل أَن أَبَا إِبْرَاهِيم كَانَ أظهر الْإِسْلَام وَهُوَ يبطن الْكفْر، فَاسْتَغْفر لَهُ إِبْرَاهِيم لإظهاره الْإِسْلَام {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عَدو لله} مصر على الْكفْر فِي الْبَاطِن {تَبرأ مِنْهُ} هَكَذَا قَالَه بعض أهل الْمعَانِي.

وَالَّذِي عَلَيْهِ عَامَّة الْمُفَسّرين مَا بَينا من قبل.

وَقد قَرَأَ الْحسن الْبَصْرِيّ: " إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه " وَهَذَا صَرِيح فِي أَن الْوَعْد كَانَ من إِبْرَاهِيم، وَالدَّلِيل على أَن إِبْرَاهِيم اسْتغْفر لَهُ وَهُوَ مُشْرك: أَن الله تَعَالَى قَالَ فِي سُورَة الممتحنة: {قد كَانَت لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَالَّذين مَعَه. .} إِلَى أَن قَالَ: {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَن لَك} فقد صرح أَن إِبْرَاهِيم لَيْسَ بقدوة فِي هَذَا الاسْتِغْفَار؛ وَإِنَّمَا اسْتغْفر لَهُ وَهُوَ مُشْرك لمَكَان الْوَعْد؛ رَجَاء أَن يسلم.

وَقَوله: {إِن إِبْرَاهِيم لأواه حَلِيم} اخْتلفُوا فِي " الأواه " على أقاويل.

رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود. وَعبد الله بن عَبَّاس: أَن الأواه: هُوَ الدُّعَاء. وَعَن ابْن مَسْعُود فِي رِوَايَة أُخْرَى: أَنه الرَّحِيم، وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أُخْرَى: أَنه الْمُؤمن التواب، وَعَن مُجَاهِد أَنه الْفَقِيه، وَعَن كَعْب الْأَحْبَار: أَنه الَّذِي يتأوه من الذُّنُوب، فَيَقُول: أوه أوه. وروى أَبُو ذَر " أَن رجلا كَانَ يطوف وَيَقُول: أوه أوه، فَقلت للنَّبِي: إِن هَذَا الرجل ليؤذينا، فَقَالَ: لَا تقل هَذَا؛ فَإِنَّهُ أَواه ". قَالَ الشَّاعِر:

(إِذا مَا قُمْت أرحلها بلَيْل ... تأوه آهة الرجل الحزين)

وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ الأواه: المسبح. وَقيل: إِنَّه الْموقف. وَقيل: إِنَّه الموقن.

وَأما الْحَلِيم: فَهُوَ: الصفوح عَن الذُّنُوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015