{الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ وَأعد}
وَقَالَ عَطاء: هم أهل بدر.
وَقَالَ الشّعبِيّ: هم أهل بيعَة الرضْوَان، وبيعة الرضْوَان كَانَت بِالْحُدَيْبِية.
وَالْقَوْل الرَّابِع: السَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين: هم الَّذين أَسْلمُوا قبل الْهِجْرَة، وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْأَنْصَار: هم الَّذين بَايعُوا مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الْعقبَة.
وَرُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَرَأَ: " وَالْأَنْصَار " بِالرَّفْع. وَفِي هَذِه الْقِرَاءَة السَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين خَاصَّة. وَالْمَعْرُوف " وَالْأَنْصَار " وَمَعْنَاهُ: وَمن الْأَنْصَار: والمهاجرين هم الَّذين هَاجرُوا من أوطانهم وَقدمُوا الْمَدِينَة مَعَ رَسُول الله، وَالْأَنْصَار هم أهل الْمَدِينَة الَّذين أنزلوا رَسُول الله والمهاجرين فِي دُورهمْ.
وَأما قَوْله: {وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم بَقِيَّة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار سوى السَّابِقين الْأَوَّلين مِنْهُم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم الْمُؤْمِنُونَ إِلَى قيام السَّاعَة.
وَعَن أبي صَخْر حميد بن زِيَاد قَالَ: أتيت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَقلت لَهُ: مَا قَوْلك فِي أَصْحَاب رَسُول الله؟ فَقَالَ: جَمِيع أَصْحَاب رَسُول الله فِي الْجنَّة، مسيئهم ومحسنهم، فَقلت لَهُ: من أَيْن تَقول هَذَا؟ فَقَالَ: اقْرَأ قَوْله تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار} إِلَى أَن قَالَ: {رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ وَأعد لَهُم جنَّات} ثمَّ قَالَ: شَرط للتابعين شريطة، وَهُوَ قَوْله: {اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} وَمَعْنَاهُ: أَنهم اتَّبَعُوهُمْ فِي أفعالهم الْحَسَنَة دون السَّيئَة. قَالَ أَبُو صَخْر: وَكَأَنِّي لم أَقرَأ هَذِه الْآيَة قطّ.
وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف بِرِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي قَالَ: " لَا تسبوا أَصْحَابِي؛ فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنْفق أحدكُم ملْء الأَرْض ذَهَبا لم يدْرك مد أحدهم