قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} قَالَ الْحسن، وَالزهْرِيّ، وَالنَّخَعِيّ: هَذَا فِي الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة. وَقَالَ عَطاء وَمُجاهد: هُوَ فِي الْخطْبَة. وَلم يرْضوا من مُجَاهِد هَذَا القَوْل؛ لِأَن الْآيَة مَكِّيَّة، وَالْجُمُعَة إِنَّمَا وَجَبت بِالْمَدِينَةِ، وَلِأَن الِاسْتِمَاع فِي جَمِيع الْخطْبَة وَاجِب، وَلَا يخْتَص بِالْقِرَاءَةِ فِي الْخطْبَة. فَالْأول أصح.
وَلَيْسَ لمن يرى ترك الْقِرَاءَة خلف الإِمَام مستدل (فِي الْآيَة) ؛ لِأَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام لَا تنَافِي الِاسْتِمَاع؛ لِأَنَّهُ يتبع سكتات الإِمَام، وَلِأَن الْآيَة فِيمَا وَرَاء الْفَاتِحَة؛ بِدَلِيل حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " إِذا كُنْتُم خَلْفي فَلَا تقرءوا إِلَّا بِأم الْقُرْآن ".
وَفِي الْآيَة: قَول ثَالِث: أَن المُرَاد بِهِ النَّهْي عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة. قَالَه أَبُو هُرَيْرَة. وَهَذَا قَول حسن.