قَوْله - تَعَالَى -: {وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتتمناها بِعشر} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هِيَ أَيَّام ذِي الْقعدَة وَعشر من ذِي الْحجَّة {فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة} فَإِن قيل: ذكر الثَّلَاثِينَ وَالْعشر يُغني عَن ذكر الْأَرْبَعين، فَمَا معنى هَذَا التّكْرَار؟ قيل: كَرَّرَه تَأْكِيدًا، وَقيل: فَائِدَة قَوْله: {فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة} قطع الأوهام عَن الزِّيَادَة؛ لِأَنَّهُ لما وَقت الثَّلَاثِينَ أَولا، ثمَّ زَاد عَلَيْهِ عشرا، رُبمَا يَقع فِي الأوهام زِيَادَة أُخْرَى، فَذكره لقطع الأوهام عَن الزِّيَادَة، وَذكر الثَّلَاثِينَ فِي الِابْتِدَاء وَالْعشر مفصلا: ليعلم أَن الْمِيقَات كَانَ كَذَلِك مفصلا ثَلَاثِينَ ذِي الْقعدَة وَعشرا من ذِي الْحجَّة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى أَمر مُوسَى أَن يَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ يَأْتِي الطّور يكلمهُ؛ فصَام ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَيْلًا وَنَهَارًا.
وَفِي بعض التفاسير: صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فتغيرت رَائِحَة فَمه، فَأخذ ورق الخرنوب وتناوله؛ لتزول رَائِحَة فَمه، فَأمره الله تَعَالَى أَن يَصُوم عشرا أخر؛ لتعود الرَّائِحَة، وَتَمام الْقِصَّة فِي الْآيَة الثَّانِيَة.
{وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُون اخلفني فِي قومِي} اسْتَخْلَفَهُ على قومه {وَأصْلح} أَي: ارْفُقْ {وَلَا تتبع سَبِيل المفسدين} أَي: لَا تتبع آراءهم وأهواءهم.