قَوْله - تَعَالَى -: {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} هَذَا فتح اسْتِدْرَاج ومكر، وَفِي الْآثَار: " من فتح عَلَيْهِ بَاب نعْمَة، فَلم ير أَنه مكر بِهِ فَلَا رَأْي لَهُ، وَمن أَصَابَته شدَّة فَلم ير أَنه نظر لَهُ، فَلَا رَأْي لَهُ " يَعْنِي: فِي الدّين.
{حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا} هَذَا فَرح بطر، وَهُوَ مَنْهِيّ عَنهُ، وَذَلِكَ مثل فَرح قَارون بِمَا أصَاب من الدُّنْيَا حَتَّى قَالَ لَهُ قومه: " لَا تفرح إِن الله لَا يحب الفرحين ".
{أَخَذْنَاهُم بَغْتَة} أَي: فَجْأَة {فَإِذا هم مبلسون} قَالَ ابْن عَبَّاس: آيسون من حمل خير، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المبلس: النادم الحزين، وَقَالَ الْفراء: هُوَ السَّاكِت الْمُنْقَطع عَن الْحجَّة، وأنشدوا:
(يَا صَاح هَل تعرف رسما مكرسا ... قَالَ نعم أعرفهُ وأبلسا)
وَقَالَ آخر:
(ملك إِذا طَاف الغفاة بِبَابِهِ ... غبطوا وأنجي مِنْهُم المتبلس)