{إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فأصابتكم مُصِيبَة الْمَوْت تحبسونهما من بعد الصَّلَاة فيقسمان} ودَاعَة على أَنَّهُمَا قد خَانا فِي الْجَام، فَأخذ الْجَام ثمَّ إِن تميما أسلم بعد ذَلِك؛ وَأقر بِتِلْكَ الْخِيَانَة " فَهَذِهِ قصَّة الْآيَة وَعَلَيْهَا نزلت الْآيَة.
فَقَوله: {شَهَادَة بَيْنكُم} يقْرَأ فِي الشواذ " شَهَادَة بَيْنكُم " وَقَرَأَ الْأَعْرَج " شَهَادَة بَيْنكُم " بِالرَّفْع والتنوين، وَالْمَعْرُوف " شَهَادَة بَيْنكُم " {إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} أَي: أَسبَاب الْمَوْت {حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} ذكر اثْنَان على الرّفْع؛ لِأَنَّهُ خبر الِابْتِدَاء، وَمعنى هَذَا الْكَلَام: أَن الشَّهَادَة فِيمَا بَيْنكُم على الْوَصِيَّة عِنْد الْمَوْت: اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم.
{أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَابْن عَبَّاس، وَهُوَ قَول شُرَيْح، وَالنَّخَعِيّ، وَسَعِيد بن جُبَير، وَجَمَاعَة -: أَن مَعْنَاهُ من غير أهل ملتكم، يَعْنِي: من أهل الذِّمَّة، وَقَالَ الْحسن، وَالزهْرِيّ: مَعْنَاهُ: من غير قبيلتكم.
{إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض} أَي: سافرتم {فأصابتكم مُصِيبَة الْمَوْت تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} أَكثر الْعلمَاء على أَنه أَرَادَ بِهِ: صَلَاة الْعَصْر، (وَقَالَ الْحسن: بعد صَلَاة الظّهْر، وَالْأول أصح؛ وَإِنَّمَا خص بِهِ صَلَاة الْعَصْر؛ لِأَن وَقت الْعَصْر) مُعظم مُحْتَرم عِنْد (جَمِيع) أهل الْأَدْيَان، وَكَأن النَّاس بعد الْعَصْر يكون أجمع فِي الْأَسْوَاق والمساجد. وَالْمرَاد بِهِ: حبس الحالفين بعد الْعَصْر.