قَوْله - تَعَالَى -: {الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات} ذكر الْيَوْم هَاهُنَا صلَة، وَقد بَينا معنى الطَّيِّبَات، وَفِيه قَول آخر: أَن الطَّيِّبَات عَن طاهرات، وكل طَاهِر حَلَال.
{وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} قَالَ مُجَاهِد، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أَرَادَ بِهِ: ذَبَائِح أهل الْكتاب {وطعامكم حل لَهُم} فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ أحل لَهُم طعامنا وَشرع لَهُم ذَلِك وهم كفار، وَلَيْسوا من أهل الشَّرْع؟ أجَاب الزّجاج فَقَالَ: مَعْنَاهُ: حَلَال لكم أَن تطعموهم؛ فَيكون خطاب الْحل مَعَ الْمُسلمين، قَالَ غَيره: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ ذكر عَقِيبه (حكم) النِّسَاء، وَلم يذكر حل المسلمات لَهُم فَكَأَنَّهُ قَالَ: حَلَال لكم أَن تطعموهم، حرَام لكم أَن تزوجوهم.
{وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات} هَذَا رَاجع إِلَى النسق الأول، ومنقطع عَن قَوْله: {وطعامكم حل لَهُم} {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ الْحسن: أَرَادَ بِهِ: العفائف، وَقَالَ مُجَاهِد: أَرَادَ بِهِ: الْحَرَائِر، وَمِنْه إِبَاحَة الْحرَّة الْكِتَابِيَّة للْمُسلمِ وَقَضِيَّة تَحْرِيم الْأمة الْكِتَابِيَّة، وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء، وَهُوَ قَول عُلَمَاء الْكُوفَة مثل الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَجَمَاعَة. وَهَذَا فِي الْكِتَابِيَّة الذِّمِّيَّة؛ فَأَما الْحرَّة الْكِتَابِيَّة