{علمكُم الله فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ وَاتَّقوا الله إِن الله} لما أَمر بقتل الْكلاب، وَقَالُوا يَا رَسُول الله: مَاذَا يحل لنا من هَذِه الْأمة الَّتِي أمرت بقتلها؟ فَنزلت الْآيَة، وَالْأول أصح.
{قل أحل لكم الطَّيِّبَات} فالطيبات: كل مَا تستطيبه الْعَرَب، وتستلذه من غير أَن يرد بِتَحْرِيمِهِ كتاب أَو سنة {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح} أَي: الكواسب، يُقَال: جرح، واجترح، إِذا كسب، وَمِنْه سميت الْيَد جارحة؛ لِأَنَّهَا كاسبة، قَالَ الشَّاعِر:
(ذَات حل حسن ميسمها ... يذكر الْجَارِح وَمَا كَانَ جرح)
أَي: مَا كَانَ كسب {مكلبين} وَقُرِئَ فِي الشواذ " مكلبين " يُقَال: كَلْبه فَهُوَ مكلب، وأكلب فَهُوَ مكلب: إِذا كثر كلابه، وَهُوَ مثل قَوْلهم: أمشى إِذا كثرت مَاشِيَته، قَالَ الشَّاعِر:
(وكل فَتى وَإِن أمشى وأثرى ... [سيخلجه] عَن الدُّنْيَا الْمنون) قَالَ الْأَزْهَرِي: وَمعنى الْكَلَام: وَأحل لكم مَا علتم من الْجَوَارِح فِي حَال تكليبكم وتضريتكم إِيَّاهَا على الصَّيْد، وَاعْلَم أَن حل الصَّيْد لَا يخْتَص بصيد الْكَلْب على قَول جُمْهُور الْعلمَاء.
وَقَالَ طَاوُوس: يخْتَص بِهِ؛ تمسكا بقوله: {مكلبين} وَهَذَا خلاف شَاذ، وَمعنى قَوْله: {مكلبين} أَي: محرشين، ومغرين على الصَّيْد، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِك كل الْجَوَارِح {تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله} تؤدبونهن مِمَّا أدبكم الله.