تفسير السمعاني (صفحة 1123)

166

قَوْله - تَعَالَى - {لَكِن الله يشْهد بِمَا أنزل إِلَيْك} سَبَب نزُول الْآيَة: أَن قوما من عُلَمَاء الْيَهُود حَضَرُوا عِنْد النَّبِي، فَقَالَ لَهُم: " أَنْتُم تعلمُونَ أَنى رَسُول الله؟ فَقَالُوا: لَا نعلم ذَلِك؛ فَنزل قَوْله: {لَكِن الله يشْهد بِمَا أنزل إِلَيْك أنزلهُ بِعِلْمِهِ} " أَي: مَعَ علمه، كَمَا يُقَال: جَاءَنِي فلَان بِسَيْفِهِ، أَي: مَعَ سَيْفه، وَفِيه دَلِيل على أَن لله علما، هُوَ صفته، خلاف قَول الْمُعْتَزلَة خذلهم الله.

{وَالْمَلَائِكَة يشْهدُونَ وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} فَإِن قيل: إِذا شهد الله لَهُ بالرسالة، فَأَي حَاجَة إِلَى شَهَادَة الْمَلَائِكَة؟ قيل: لِأَن الَّذين حَضَرُوا عِنْد النَّبِي، كَانَ عِنْدهم أَنهم عُلَمَاء الأَرْض؛ فَقَالُوا: نَحن عُلَمَاء الأَرْض، وَنحن ننكر رِسَالَتك، فَقَالَ الله تَعَالَى: إِن أنكرهُ عُلَمَاء الأَرْض، يشْهد بِهِ عُلَمَاء السَّمَاء، وهم الْمَلَائِكَة، على مُقَابلَة زعمهم وظنهم؛ لَا للْحَاجة إِلَى شَهَادَتهم؛ فَإِنَّهُ قَالَ: {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015