تفسير السمعاني (صفحة 1120)

{تكليما (164) رسلًا مبشرين ومنذرين لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيما (165) لَكِن الله يشْهد بِمَا أنزل إِلَيْك أنزلهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَة يشْهدُونَ}

قَالَ الْفراء، وثعلب: إِن الْعَرَب تسمى مَا توصل إِلَى الْإِنْسَان: كلَاما، بِأَيّ طَرِيق وصل إِلَيْهِ، وَلَكِن لَا تحَققه بِالْمَصْدَرِ، فَإِذا حقق الْكَلَام بِالْمَصْدَرِ، لم تكن إِلَّا حَقِيقَة الْكَلَام، وَهَذَا كالإرادة، يُقَال: أَرَادَ فلَان إِرَادَة، فَيكون حَقِيقَة الْإِرَادَة، وَلَا يُقَال: أَرَادَ الْجِدَار أَن يسْقط إِرَادَة، وَإِنَّمَا يُقَال: أَرَادَ الْجِدَار، من غير ذكر الْمصدر؛ لِأَنَّهُ مجَاز، فَلَمَّا حقق الله كَلَامه مُوسَى بالتكليم، عرف أَنه حَقِيقَة الْكَلَام من غير وَاسِطَة، قَالَ ثَعْلَب: وَهَذَا دَلِيل من قَول الْفراء أَنه مَا كَانَ يَقُول بِخلق الْقُرْآن.

فَإِن قَالَ قَائِل: بِأَيّ شئ عرف مُوسَى أَنه كَلَام الله؟ قيل: بتعريف الله - تَعَالَى - إِيَّاه، وإنزال آيَة عرف مُوسَى بِتِلْكَ الْآيَة أَنه كَلَام الله - تَعَالَى -، وَهَذَا مَذْهَب أهل السّنة أَنه سمع كَلَام الله حَقِيقَة، بِلَا كَيفَ، وَقَالَ وَائِل بن دَاوُد: معنى قَوْله: {وكلم الله مُوسَى تكليما} أَي: مرَارًا، كلَاما بعد كَلَام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015