قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ
، يعني: إنما ابتليتم بعبادة العجل. وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ، يعني: إلهكم الرحمن، فَاتَّبِعُونِي يعني: اتبعوا ديني وَأَطِيعُوا أَمْرِي يعني: قولي.
قوله تعالى: قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ، يعني: لا نزال على عبادة العجل عاكِفِينَ يعني:
مقيمين، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى. فلما جاءهم موسى، قالَ يا هارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، يعني أخطئوا الطريق بعبادة العجل أَلَّا تَتَّبِعَنِ يعني: أن لا تتبع أمري في وصيتي فتناجزهم الحرب؟ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي. يعني: أفتركت وصيتي؟. الَ
له موسى ذلك بعد ما أخذ بشعر رأسه ولحيته، فقال هارون عليه السلام: ابْنَ أُمَ
قرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر يا ابن أُمَّ بكسر الميم على معنى الإضافة، وقرأ الباقون بالنصب بمنزلة اسم واحد تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا
بشعررَأْسِي
. نِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
، يعني: جعلتهم فرقتين وألقيت بينهم الحرب، لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
يعني: لم تنتظر قدومي.
قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ (95) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لاَ مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97)
ثم أقبل على السامري فقال له: قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ؟ يقول: ما شأنك، وما الذي حملك على ما صنعت؟ قالَ السامري: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ. قرأ حمزة والكسائي بالتاء على معنى المخاطبة، وقرأ الباقون بالياء على معنى المغايبة بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ، يعني: رأيت ما لم يَرَوا وعلمت ما لم يعلموا به يعني: بني إسرائيل. قال موسى:
ما الذي رأيت دون بني إسرائيل؟ فقال: رأيت جبريل عليه السلام على فرس الحياة. وهو قوله:
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ، يعني: من أثر فرس جبريل. وفي قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فَقَبصتُ قَبْصَةً بالصاد، وروي عن الحسن أنه قرأ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً بالصاد، وهو الأخذ بأطراف الأصابع، وقراءة الجماعة فَقَبَضْتُ قَبْضَةً بالضاد وهو القبض بالكف.
فَنَبَذْتُها، يعني: فطرحتها في العجل. ثمّ قال: وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي، أي: زينت، فلا تلمني بهذا الفعل ولمهم بعبادتهم إياه.
قالَ له موسى عليه السلام: فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ، يعني: عقوبتك في الدنيا أَنْ تَقُولَ لاَ مِساسَ، يعني: لا أمس أحداً ولا يَمسَّني أحد، ويقال: ابتلي بالوسواس وأصل الوسواس من ذلك الوقت، ويقال: معناه لن تخالط أحداً ولن يخالطك أحد، فنفاه عن قومه.