ثم قال الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أي: استولى حكمه ونفذ وعَلَى الْعَرْشِ يعني:

علا. ويقال: كان فوق العرش حين خلق السموات والأرض، ويقال: اسْتَوى استولى وملك، كما يقال: استوى فلان على بلد كذا يعني: استولى عليها وملكها، فالله تعالى بين لخلقه قدرته وتمام ملكه، أنه يملك العرش وَلَهُ مَا فِى السموات وما في الأرض، فذلك قوله تعالى: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أي من خلق وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى يعني: ما تحت الأرض السابعة السفلى. وروى أسباط عن السدي في قوله عز وجل: وَما تَحْتَ الثَّرى قال: الصخرة التي تحت الأرض السابعة وهي صخرة خضراء، وهي سجين التي فيها كتاب الكفار، ويقال:

الثرى تراب رطب مقدار خمسمائة عام تحت الأرض، ولولا ذلك لأحرقت النار الدنيا وما فيها.

وروي عن ابن عباس أنه قال: «بسطت الأرض على الحوت، والحوت على الماء والماء على الصخرة، الصخرة بين قرني الثور، والثور على الثرى، وما يعلم ما تحت الثرى إلا الله عز وجل.

[سورة طه (20) : الآيات 7 الى 12]

وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (7) اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8) وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (9) إِذْ رَأى نَاراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (10) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى (11)

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12)

ثم قال عز وجل: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ يعني: تعلن بالقول، يعني: بالقرآن فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى يعني: ما أسررت في نفسك وَأَخْفى يعني: ما لم تحدث به نفسك، وهذا قول الضحاك، وقال ابن عباس هكذا، وقال عكرمة: السر ما حدث الرجل به أهله، وَأَخْفى ما تكلمت به نفسك، وروى منصور بن عمار عن بعض الصحابة قال: «السر ما أسررت به في نفسك» ، وَأَخْفى «من السر ما لم يطلع عليه أحد أنه كائن» .

ثم قال عز وجل: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يعني: هو الله الخالق الرزاق، لا خالق ولا رازق غيره لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يعني: الصفات العلى.

وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى يعني: خبر موسى عليه السلام في القرآن. ثم أخبره فقال إِذْ رَأى نَاراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا يعني: انزلوا مكانكم وقفوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً يعني: أبصرت ناراً، وذلك حين رجع من مدين مع أهله أصابهم البرد، فرأى موسى ناراً من البعد فقال لهم: امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ يعني: بشعلة، وهو ما اقتبس من عود أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً يعني: هادياً يدلنا على الطريق. وكان موسى عليه السلام ضل الطريق، وكانت ليلة مظلمة فَلَمَّا أَتاها يعني: انتهى إلى النار نُودِيَ يعني: دعي يا مُوسى قال ابن عباس:

«لما أتى النار فإذا هي نار بيضاء تستوقد من شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها وهي خضراء، فجعل يتعجب منها» ، وقال في رواية وهب بن منبه: «فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015