[سورة الكهف (18) : الآيات 66 الى 70]

قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (68) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (70)

ثم قال: قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ، أي أصحبك عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً، أي هدى وصواباً. قرأ أبو عمرو وابن عامر رُشْداً بالنصب، وقرأ الباقون بالضم، وأختلف عن عاصم ونافع، ومعناهما واحد. فقال له الخضر: إن لك فيما في التوراة كفاية من طلب العلم في بني إسرائيل وفضل، وإنك سترى مني أشياء تنكرها، ولا ينبغي للرجل الصالح أن يرى شيئاً منكراً لا يغيره، فذلك قوله تعالى: قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً، يعني: إنك ترى مني أشياء لا تصبر عليها. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً؟ أي ما لم تعلم به علماً.

ويقال: معناه كيف تصبر على ما ظاهره منكر؟ قالَ موسى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً، أي لا أترك أمرك فيما أمرتني. قالَ الخضر: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي، أي صحبتني فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ فعلت، حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً أي حتى أخبرك منه خبراً، يعني: إن أنكرته فلا تعجل عليّ بالمسألة. فأمر موسى يوشع أن يرجع إلى بني إسرائيل، وأقام موسى مع الخضر.

قرأ نافع فَلا تَسْئَلْنِي بتشديد النون مع إثبات الياء والتشديد للتأكيد للنهي، وقرأ ابن عامر فلا تسألنّ بتشديد النون بغير ياء، لأن الكسرة تدل عليه، وقرأ الباقون فَلا تَسْئَلْنِي بالتخفيف وإثبات الياء، وقرأ بعضهم بالتخفيف بغير ياء.

[سورة الكهف (18) : آية 71]

فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (71)

ثمّ قال: فَانْطَلَقا، يعني: موسى والخضر. وذلك أن موسى رد يوشع إلى بني إسرائيل وذهب موسى مع الخضر. حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ. وذلك أنهما لما أتيا السفينة: قال أهل السفينة لا يدخل علينا هذان الرجلان، فإنا لا نعرفهما ونخاف على متاعنا منهما. فقال الملاح: بل سيماهما سيما الزهاد، فحملهما في السفينة بغير نول أي مجاناً. فأخذ الخضر فأسا لما ركبا السفينة، وجعل يثقب السفينة ويخرقها. فقال أهل السفينة: الله الله لا تخرق سفينتنا فنغرق. فقال موسى: حملنا بغير نول وتخرق السفينة وتغرق أهلها؟ فذلك قوله حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها، أي ثقبها. قالَ موسى: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها. قرأ حمزة والكسائي ليُغْرِقَ بالياء والنصب أَهْلَها بضم اللام، وقرأ الباقون بالتاء والضم وكسر الراء والنصب في اللام. فمن قرأ بنصب التاء فالأهل هو المفعول. لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً، أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015