[سورة الإسراء (17) : الآيات 97 الى 98]

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (97) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98)

ثم قال تعالى: وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، أي: من يكرمه الله تعالى بالإسلام ويوفقه، فَهُوَ على الهدى والصواب. قرأ نافع وأبو عمرو الْمُهْتَدِي بالياء عند الوصل، وقرأ الباقون بغير ياء. وَمَنْ يُضْلِلْ، أي يخذله عن دينه، فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ، أي يهدونهم من الضلالة. وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ، أي نبعثهم يوم القيامة ونسوقهم منكبين على وجوههم، يسحبون عليها عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا عن الهدى، ويقال: في ذلك الوقت يكونون عمياً وبكماً وصماً كما وصفهم. مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ، أي: مصيرهم إلى جهنم كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً يقول: كلما سكن لهبها ولم تجد شيئاً تأكله، زِدْناهُمْ سَعِيراً، أي وقوداً، وأعيدوا خلقاً جديداً. قال مقاتل: أن النار إذا أكلتهم فلم تبق منهم غير عظام وصاروا فحماً، سكنت النار فهو الخبو. يقال: أخبت النار إذا سكن اللهب، وإذا بقي في جمرها شيء، ويقال: خمدت وانطفأت ثم بدلوا جلوداً غيرها، فتشتعل وتسعر عليهم، فذلك قوله تعالى:

زِدْناهُمْ سَعِيراً وقال أهل اللغة: وإذا لم يبق من جمرها شيء، يقال همدت.

ثم قال تعالى: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ، أي ذلك العذاب عقوبتهم وجزاء أعمالهم. بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا، أي بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً، أي ترابا. أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً بعد الموت.

[سورة الإسراء (17) : الآيات 99 الى 100]

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (99) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (100)

قال الله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا، يعني: أو لم يخبروا في القرآن؟ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ، يعني: يحييهم بعد الموت. وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لاَّ رَيْبَ فِيهِ، يقول: لا شك فيه عند المؤمنين أنه كائن. فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً، أي أبى المشركون عن الإيمان، ولم يقبلوا إلاّ الكفر.

ثم قال تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي، يقول: لو تقدرون على مفاتيح رزق ربي، إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ، يقول: لبخلتم وامتنعتم عن الصدقة خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ، أي مخافة الفقر. وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً، أي ممسكاً بخيلاً. قال الزجاج هذا جواب لقولهم: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً [الإسراء: 90] وقال بعضهم: هذا ابتداء وصف بخلهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015