[سورة الإسراء (17) : الآيات 62 الى 64]

قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً (62) قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (64)

وقال: قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ. الآية وفيها مضمر، معناه: فلعنه الله، فقال إبليس: أرأيتك هذا الذي لعنتني لأجله وفضلته عليَّ؟ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، يعني: لئن أجلتني إلى يوم البعث. قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع لئن أَخَّرْتَنِى بالياء عند الوصل، وقرأ الباقون بغير ياء لأن الكسرة تقوم مقامه. ثم قال: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ، أي لأستزلنَّ ذريته.

يقول: أطلب زلتهم وقال القتبي: لَأَحْتَنِكَنَّ أي لأستأصلنّ، يقال: احتنك الجراد ما على الأرض، إذا أكله كله. ويقال: هو من حنك الدابة يحنكها حنكاً، إذا شدّ في حنكها الأسفل حبلاً يقودها به، أي لأقودنهم حيث شئت. إِلَّا قَلِيلًا يعني: الأنبياء والمخلصين لله، ويقال: إِلاَّ من عصمته مني.

قوله عز وجل: قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ، أي من أطاعك مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ، يعني: نصيبكم من العذاب في النار. جَزاءً مَوْفُوراً، أي نصيبا مَوْفُوراً أي وافراً لا يفتر عنهم.

ثم قال: وَاسْتَفْزِزْ، يقول: استزلّ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ يقول: بدعائك ووسوستك، ويقال: بأصوات الغناء والمزامير. وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ، يعني:

استعن عليهم بأعوانك من مردة الشياطين الذين يوسوسون للناس، ويقال: خيل المشركين ورجالهم، وكل خيل تسعى في معصية الله تعالى فهي من خيل إبليس. قرأ عاصم في رواية حفص وَرَجِلِكَ بنصب الراء وكسر الجيم، فدل الواحد على الجنس. وقرأ الباقون بجزم الجيم وهو جمع الراجل.

وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ، أي ما أكل من الأموال بغير طاعة الله تعالى، وهو ما جمع من الحرام. ويقال: وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وهو ما جعلوا من الحرث والأنعام نصيباً لآلهتهم، ويقال: كل طعام لم يذكر اسم الله عليه فللشيطان فيه شركة.

قال الفقيه رضي الله عنه: حدّثنا الفقيه أبو جعفر قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدّثنا سفيان بن يحيى قال: حدثنا أبو مطيع، عن الربيع بن زيد، عن أبي محمد وهو رجل من أصحاب أنس قال: «قال إبليس لربه: يا رب جعلت لبني آدم بيوتاً فما بيتي؟ قال الحمام. قال:

وجعلت لهم مجلسا فما مجلسي؟ قال: السوق. قال: وجعلت لهم قرآناً فما قرآني؟ قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015