مثل به، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لأمَثِّلَنَّ بِثَلاثِينَ مِنْهُمْ» . فلما رأى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما به من الوجع. قالوا: لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد «1» . فنزل وَإِنْ عاقَبْتُمْ أي فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ فلم تعاقبوا ولم تمثلوا لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ من المثلة أي: ثواب الصبر خير من المكافأة، ثم صارت الآية عامة في وجوب القصاص: أنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل، والعفو أفضل.
وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)
قال عز وجل: وَاصْبِرْ يقول: وَاصْبِرْ أي أثبت على الصبر وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ يعني: ألهمك ووفقك للصبر وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي على كفار قريش إن لم يسلموا وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ قرأ ابن كثير فِي ضَيْقٍ بكسر الضاد، وقرأ الباقون: بالنصب.
ومعناهما واحد. أي: لا يضق صدرك مما يقولون لك، ويصنعون بك. وقال مقاتل: نزلت الآية في المستهزئين.
ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا أي: معين للذين اتقوا الشرك وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في العمل. ويقال: معين الذين اتقوا مكافأة المسيء وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ إلى من أساء إليهم. والله أعلم بالصواب. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.