قوله تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ أي: واذكر يوم نبعث فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً أي: نبياً شاهداً على أمته بالرسالة أنه بلغها ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي: في الكلام وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي: لا يرجعون من الآخرة إلى الدنيا. وقال أهل اللغة: عَتَب يَعْتِب إذا وجد عليه، وأعْتَبَ يُعْتِبُ إذا رجع عن ذنبه، واستعتب يستعتب إذا طلب منهم الرجوع، أي: لا يطلب منهم الرجوع إلى الدنيا.
وقوله: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ أي: الكفار فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ أي: العذاب حين رأوها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ أي: لا يمهلون ولا يؤجلون ولا يتركون ساعة ليستريحوا.
وقوله عز وجل: وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ أي: آلهتهم قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا يقولون: نعبد من دونك، وهم أمرونا بذلك. ويقال: يعني السفلة إذا رأوا شركاءهم. يعني: أمراءهم ورؤساءهم قالوا: ربنا هؤلاء الذين كنا ندعو من دونك، أي:
هم أَمرونا بالمعصية فأطعناهم فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ يعني: القادة والآلهة، وأجابوهم إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ ما أمرناكم بذلك.
وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (87) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
قوله عز وجل: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ أي: استسلموا وخضعوا وانقادوا. العابد والمعبود، والتابع والمتبوع، خضعوا كلهم يومئذ لله تعالى وَضَلَّ عَنْهُمْ أي: اشتغل عنهم آلهتهم بأنفسهم مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ أي: يختلفون، ويقال: بطل عنهم مَّا كَانُواْ يقولون من الكذب في الدنيا.
ثم بين عذابهم فقال: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: صرفوا الناس عن دين الإسلام زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ فوق عذاب السفلة. ويقال: التابع والمتبوع زدناهم في كل وقت عذاباً مع العذاب. وقال مقاتل: يجري الله عليهم خمسة أنهار من نحاس ذائب، ثلاثة أنهار في وقت الليل، واثنان في وقت النهار بِما كانُوا يُفْسِدُونَ في الدنيا. وقال الكلبي نحو هذا.
قال الفقيه أبو الليث: حدثنا محمد بن الفضل. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا