وقد نهي عن الطيرة؟ قيل له: لا، ولكن أمر العين حق. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان يرقي من العين، ويتعوذ منها للحسن والحسين» .
ثم قال: وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ يعني: من قضاء الله مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ يعني: ما القضاء إِلَّا لِلَّهِ إن شاء أصابكم العين، وإن شاء لم يصبكم. عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ يعني: فوضت أمري وأمركم إليه وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ يعني: فليثق الواثقون.
وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَّا كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (68)
قوله تعالى: وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ من السكك المتفرقة مَّا كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ يعني: حذرهم لا يغني من قضاء الله مِن شَىْء، يعني: إن العين لو قدرت أن تصيبهم لأصابتهم وهم متفرقون، كما تصيبهم وهم مجتمعون.
ثمّ قال: إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ يعني: حزازة في قلبه، وهي الحزن قَضاها يعني: أبداها وتكلم بها. ويقال: معناه لكن لحاجة في نفس يعقوب قضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ يعني: علم يعقوب أنه لا يصيبهم إلا ما أراد الله تعالى وقدر عليهم. وعلم أن دخولهم في سكك متفرقة لا ينفعهم من قضاء الله تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ. ويقال: معناه أنه عالم بما علمناه، ويقال: لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ أي: لتعليمنا إياه. ويقال: لذو حظ لما علمناه.
ثم قال: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ أنه لا يصيبهم إلا ما قدر الله تعالى عليهم.
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (70) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ (71) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَما كُنَّا سارِقِينَ (73)
قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (74) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75)
قوله تعالى: وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ يعني: إخوته اوَى إِلَيْهِ أَخاهُ يعني: ضمّ إليه أخاه بنيامين قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ قال بعضهم: أخبره في السر أنه أخوه. وقال بعضهم: لم يخبره، ولكن معناها: إني لك كأخيك الهالك. فأنزلهم يوسف منزلاً، وأجرى عليهم الطعام والشراب فلما كان الليل أتاهم بالفرش، وقال: لينام كل أخوين منكم على فراش واحد. ففعلوا، وبقي الغلام وحده فقال يوسف: هذا ينام معي على فراشي. فبات معه يوسف، يشم ريحه.