ثم قال: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً يعني: ومن أشد في كفره مِمَّنِ افْتَرى يقول: ممن اختلق على الله كذبا، بأن معه شريكاً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ يعني: يساقون إلى ربهم يوم القيامة، وَيَقُولُ الْأَشْهادُ يعني الرسل: قد بلغناهم الرسالة- وقال الضحاك:

وَيَقُولُ الْأَشْهادُ، يعني: الأنبياء (?) -. وقال قتادة، ومجاهد، وَيَقُولُ الْأَشْهادُ، يعني:

الملائكة. وقال الأخفش: الْأَشْهادُ واحدها شاهد، مثل أصحاب وصاحب، ويقال: شهيد وأشهاد، مثل: شريف وأشراف.

قال الله تعالى: هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ يعني: افتروا على الله عز وجل بأن معه شريكاً، وقال الله: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، يعني: عذابه وغضبه على المشركين.

ثم وصفهم فقال تعالى: الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني: يصرفون الناس عن دين الإسلام وَيَبْغُونَها عِوَجاً يطلبون بملة الإسلام زيفاً وغِيراً، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ أي:

ينكرون البعث.

قوله تعالى: أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ يعني: لم يفوتوا، ولم يهربوا من عذاب الله تعالى حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة، وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يعني:

ما كان لهم من عذاب الله تعالى مانع يمنعهم من العذاب، يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ يعني:

الرؤساء يكون لهم العذاب بكفرهم، وبما أضلوا غيرهم، مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ يعني:

ما كانوا في العذاب يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ يعني: لا يقدرون أن يسمعوا وَما كانُوا يُبْصِرُونَ في النار شيئاً.

ويقال: ذلك التضعيف لهم، لأنهم كانوا لا يستطيعون الاستماع إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم، في الدنيا من بغضه، وَما كانُوا يُبْصِرُونَ، أي: عمياً لا ينظرون إليه من بغضه. وقال الكلبي:

يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ بما كانوا يستطيعون السمع والهدى، وبما كانوا لا يبصرون الهدى.

ويقال: مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السمع، فلم يسمعوا، وكانوا يستطيعون أن يبصروا، فلم يبصروا.

ويقال: مَا كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ يعني: لم يكن لهم سمع القلب، وَما كانُوا يُبْصِرُونَ، أي لم يكن لهم بصر القلب. قرأ ابن كثير، وابن عامر يضعّف لَهُمْ بتشديد العين بغير ألف، وقرأ الباقون: يُضاعَفُ بالألف، ومعناهما واحد.

ثم بيَّنَ أنّ ضرر ذلك يرجع إلى أنفسهم، فقال تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ

يعني: غبنوا حظَّ أنفسهم وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ

يعني: وبطل عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله تعالى، فات عنهم ولا ينفعهم شيئاً.

ثم قال تعالى: لاَ جَرَمَ قال الكلبي: يعني حقا. ويقال: نعم. ويقال: لا جَرَمَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015