فأعلم الله تعالى أنه كاشف الضر، ومعطي الفضل في الدنيا، وهو الغفور في الآخرة، للمؤمنين، الرحيم بقبول حسناتهم. قال الفقيه رضي الله عنه، حدثنا محمد بن الفضل، قال:
حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا شيخ بصري عن الحسن، أنه قال: قال عامر بن قيس: ما أبالي ما أصابني من الدنيا وما فاتني منها، بعد ثلاث آيات ذكرهن الله تعالى في كتابه قوله: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ وقوله: مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر:
2] وقوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: 6] .
قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (109)
قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ يعني: يا أهل مكة قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ يعني:
محمدا صلّى الله عليه وسلّم والقرآن، فَمَنِ اهْتَدى يعني: من آمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن، فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ يعني: ومن كفر ولم يؤمن به، فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها يعني: جنايته على نفسه، وإثم الضلالة على نفسه، وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ يعني: لست عليكم بمسلط، وهذا قبل الأمر بالقتال.
ثم قال تعالى: وَاتَّبِعْ مَا يُوحى إِلَيْكَ يعني: إن لم يصدقوك، فاعمل بما أنزل إليك من القرآن، وَاصْبِرْ على تكذيبهم، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ يعني: يقضي الله تعالى بعذابهم في الدنيا وفي الآخرة، وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ يعني: أعدل العادلين. ويقال: وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ يعني: حتى يأمر الله تعالى المؤمنين بقتالهم. ويقال: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ يعني:
من اجتهد حتى اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدى لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها يعني: ومن تغافل عن الحق حتى ضل فعقوبته عليها والله أعلى وأعلم، وصلى الله على سيدنا محمد.