قوله تعالى كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يقول: كيف تقاتلوهم «1» . ويقال: كيف يكون لهم عهد، وقد سبق في الكلام ما يدل على هذا الإضمار وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يقول: يغلبوا عليكم ويظفروا بكم. لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً، يعني: لا يحفظوا فيكم قرابة ولا عهداً.
وقال سعيد بن جبير: الإل هو الله تعالى. وقال ابن عباس: «الإل القرابة والذمة والعهد» .
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ، يعني: بألسنتهم مثل قول المنافقين. وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ، يعني: وتنكر قلوبهم، يقولون قولاً بغير حقيقة. وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ، يعني: عاصون بنقض العهد.
قوله تعالى: اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا قال مقاتل: باعوا الإيمان بعرض من الدنيا وذلك أن أبا سفيان كان يعطي الناقة والطعام والشيء، ليصد بذلك الناس عن متابعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وقال الكلبي: اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا يقول: كتموا صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كتابهم بشيء من المآكلة، يأخذونه من السفلة. إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ، يعني: بئسما كانوا يعملون بصدهم الناس عن دين الله.
قوله تعالى: لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً، يعني: لا يحفظون في المؤمنين قرابة ولا عهداً. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ بنقض العهد وترك أمر الله تعالى.
فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)
قوله تعالى: فَإِنْ تابُوا من الشرك. وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ، يعني: أقروا بهما، فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ، يعني: هم مؤمنون مثلكم. وَنُفَصِّلُ الْآياتِ، يعني: نبيّن العلامات لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ أنه من الله تعالى.
قوله تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ يعني: نقضوا عهودهم مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ يعني:
بعد أجله، وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ يقول: وعابوا فِى دِينِكُمْ الإسلام، فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ يعني: قادة أهل الكفر ورؤساءهم. إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ. قرأ ابن عامر لا أَيْمانَ بالكسر، وهي قراءة الحسن البصري يعني: لا إسلام لهم، والباقون لا أَيْمانَ بالنصب يعني: لا عهد لهم. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو أَئِمَّةَ بهمزة، واحدة والباقون بهمزتين. ثم قال: لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ، يعني: لعلهم ينتهون عن نقض العهد.