أبي سنان قال: خطبنا المغيرة بن شعبة يوم النحر، وقال: «هذا يوم النحر، وهذا يوم الحج الأكبر» وقال الحسن: إنما سمي الحج الأكبر، لأنه حج أبو بكر فاجتمع فيها المسلمون والمشركون، ووافق أيضاً عيد اليهود والنصارى، فلذلك سمي الحج الأكبر لاجتماع المسلمين والمشركين في ذلك اليوم.
وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: «الحج الأكبر يوم النحر» . وروي عن قيس بن مخرمة أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «الحج الأكبر يوم عَرَفَةَ» وإنما سمي يوم عرفة يوم الحج الأكبر «1» ، لأنه يوقف بعرفة» . ويقال: الحج الأكبر هو الحج، والحج الأصغر هو العمرة. كما قال ابن عباس:
«العمرة هي الحجة الصغرى» وقال ابن أبي أوفى: «يوم الحج الأكبر يوم إهراق الدماء وحلق الشعر، وهو يوم النحر» .
أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ، يعني: ورسوله أيضاً بريء من المشركين. وقرأ بعضهم وَرَسُولِهِ بنصب اللام ومعناه: أن رسوله بريء من المشركين، وهي قراءة شاذة.
ثم قال: فَإِنْ تُبْتُمْ، يعني: رجعتم من الكفر، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ من الإقامة عليه.
وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ، يعني: أبيتم الإسلام وأقمتم على الكفر وعبادة الأوثان، فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ يعني: لن تفوتوا من عذابه.
ثم قال: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ وهو القتل في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة.
ثم استثنى الذين لم ينقضوا العهد فقال: إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وهم بنو كنانة وبنو ضمرة ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً من عهودكم، وَلَمْ يُظاهِرُوا يقول: ولم يعاونوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ، يعني: إلى تمام أجلهم. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ الذين يتقون نقض العهد.
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
قوله تعالى: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ يقول: إذا مضى الأشهر التي جعلتها أجلهم، فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ في الحل والحرم، يعني: المشركين الذين لا عهد لهم بعد ذلك الأجل. ويقال: إن هذه الآية فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ نسخت سبعين آية في القرآن من الصلح والعهد والكف، مثل قوله قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام: 66] وقوله:
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] ، وقوله: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [النساء: 63] ، وقوله: