قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ علّمهم قسَّم الغنيمة، وجعل أربعة أخماسها للذين أصابوها، وأمر بأن يقسم الخمس على خمسة أسهم. وقال بعضهم: على ستة أسهم، وقال أبو العالية الرياحي: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة أسهم: أربعة لمن شهدها، ويأخذ الخمس فيجعله على ستة أسهم: سهم لله تعالى فيجعل للكعبة، وسهم للرسول، وسهم لذوي القربى يعني: قرابة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. وقال بعضهم: سهم الله ورسوله واحد.

وروى سفيان، عن قيس بن مسلم قال: سألت الحسن بن محمد بن الحنفية عن قوله:

فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ قال: «هذا مفتاح الكلام لله الدنيا والآخرة، ثم قال: وقد اختلف بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم في سهم الرسول وسهم ذوي القربى، فقال بعضهم: للخليفة، وقال بعضهم: لقرابة الخليفة، فاجتمعوا على أن جعلوا هذين السهمين في الكراع والعدة في سبيل الله تعالى، فكانا كذلك في خلافة أبي بكر وعمر» «1» . وروى أبو يوسف، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: «كان الخمس على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم على خمسة أسهم: سهم الله ورسوله واحد، وَلِذِى القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل وقسم بعد عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ على ثلاثة أسهم: لليتامى، والمساكين، وابن السبيل «2» . وبهذا أخذ أبو حنيفة وأصحابه: أن الخمس يقسم على ثلاثة أسهم، ولا يكون لأغنياء ذوي القربى شيء، ويكون لفقرائهم فيه نصيب، كما يكون لسائر الفقراء، وكذلك يُتَاماهم وابن السبيل منهم.

ثم قال: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ. يجوز أن تكون متعلقة بقوله: فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ، إن كنتم آمنتم بالله عز وجل، ويجوز أن يكون معناه: فاقبلوا ما أمرتم به من القسمة في الخمس إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ، يعني: إن كنتم صدقتم بتوحيد الله، وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يعني: وصدقتم بما أنزلنا على محمد صلّى الله عليه وسلّم من القرآن يوم الفرقان، يعني: يوم بدر. قال الكلبي:

يعني: يوم النصر، يوم بدر، فَرَّقَ بين الحق والباطل. وقال مقاتل: معناه وما أنزلنا من الفرقان يوم بدر فأَقرُّوا بحكم الله تعالى في أمر الغنيمة. يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ يعني: يوم جمع المسلمين وجمع المشركين. وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يعني: على نصرة المؤمنين وهزيمة الكفار.

[سورة الأنفال (8) : آية 42]

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015