قال: حدثنا الشيخ الرئيس أبو طاهر محمد بن داود. قال: حدثنا محمد بن أحمد بأستراباذ. قال: حدثنا أحمد بن زكريا. قال: حدثنا عبد السلام بن صالح عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري. قال: حججنا مع عمر في أول خلافته فوقف على الحجر ثم قال: أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبّلتك. فقال له عليّ- رضي الله عنه-: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فإنه يضر وينفع بإذن الله. ولو أنك قرأت القرآن وعلمت ما فيه ما أنكرت عليّ ما قلت. قال الله تعالى:

وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فلما أقروا بالعبودية على أنفسهم، كتب إقرارهم في رق، ثم دعا هذا الحجر فقال له: افتح قال: فألقمه ذلك الرق فهو أمين الله في هذا المكان يشهد لمن استلمه ووافاه يوم القيامة. فقال له عمر- رضي الله عنه-: لقد جعل الله بين ظهرانيكم من العلم غير قليل.

وروى ربيع بن أنس عن أبن العالية عن أبي بن كعب في قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ الآية. قال: جمعهم جميعاً فجعلهم أرواحاً، ثم صورهم، ثم استنطقهم، ثم قال: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شهدنا بأنك ربنا. قال: فإني أرسل إليكم رسلي، وأنزل عليكم كتبي، فلا تكذبوا رسلي، وصدقوا وعدي وأخذ عهدهم وميثاقهم فنظر إليهم آدم فرأى منهم الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك. فقال آدم: رب لو شئت سويت بين عبادك.

فقال: إني أحببت أن أشكر. قال: والأنبياء يومئذ مثل السرج فأخذ عليهم ميثاق الرسالة أن يبلغوها. فهو قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ [الأحزاب: 7] الآية.

قال الفقيه: أخبرني الثقة بإسناده عن مالك بن أنس عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية فقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية فقال: «إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، فَقَالَ:

خَلَقْتُ هؤلاء لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَعْمَلُونَ. ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظهره فاستخرج منه ذرية، فَقَالَ:

خَلَقْتُ هؤلاء لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ» . فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال:

«إن الله تعالى إذا خَلَقَ العَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ. وَإذَا خَلَقَ العَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلَهُ النَّارَ» . وبهذا احتج الجبرية أن ما عمل عبد عملاً من خير أو شر إلا ما قدره الله تعالى يوم الميثاق.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما خلق الله تعالى آدم أخرج ذريته من ظهره مثل الذر، فقال لأصحاب اليمين: هؤلاء في الجنة ولا أبالي وقال للآخرين: هؤلاء في النار ولا أبالي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015