نختبرهم. وقال بعضهم: إنما يتم الكلام عند قوله: وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كذلك يعني:
لا تأتيهم كما تأتيهم يوم السبت لأن في يوم السبت تأتيهم الحيتان شارعات من أسفل الماء إلى أعلاه وفي سائر الأيام يأتيهم القليل، ولا يأتيهم كما يأتيهم في يوم السبت.
ثم ابتداء الكلام فقال: كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ يعني: نختبرهم بما كانوا يعصون الله تعالى.
ثم قال عز وجل: وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ أي عصبة وجماعة منهم وهي الظلمة للأمة الواعظة لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ لأن الواعظة نهوهم عن أخذ الحيتان، وخوفوهم، فرد عليهم الظلمة لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ قرأ عاصم في إحدى الروايتين مَعْذِرَةً بالنصب يعني: نعتذر إلى ربكم. وقرأ الباقون مَعْذِرَةً بالضم يعني: هي معذرة يعني: لا ندع الأمر بالمعروف حتى نكون معذورين عند الله تعالى وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ يعني: لعلهم ينتهون فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ يعني: تركوا ما وعظوا به أَنْجَيْنَا من العذاب الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا يعني: عذبنا الذين تركوا أمر الله بِعَذابٍ بَئِيسٍ يعني: شديد بِما كانُوا يَفْسُقُونَ يعني: يعصون ويتركون أمر الله تعالى. وقال ابن عباس- رضي الله عنهما-: كان القوم ثلاثة فرق. فرقة كانوا يصطادون.
وفرقة كانوا ينهون. وفرقة لم ينهوا ولم يستحلوا وقالوا للواعظة: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ. وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: أتيت ابن عباس وهو يقرأ في المصحف ويبكي فدنوت منه حتى أخذت بلوحي المصحف وقلت: ما يبكيك قال: تبكيني هذه السورة وهو يقرأ سورة الأعراف. وقال: هل تعرف أيلة؟ قلت: نعم. قال: إن الله تعالى أسكنها حياً من اليهود، وابتلاهم بحيتان حرمها عليهم يوم السبت وأحلها لهم في سائر الأيام. فإذا كان يوم السبت خرجت إليهم الحيتان. فإذا ذهب السبت غابت في البحر حتى يغوص لها الطالبون، وإن القوم اجتمعوا واختلفوا فيها. فقال فريق منهم: إنما حرمت عليكم يوم السبت أن تأكلوها فصيدوها يوم السبت، وكلوها في سائر الأيام. وقال الآخرون: بل حرم عليكم أن تصيدوها أو تنفروها أو تؤذوها. وكانوا ثلاث فرق: فرقة على أَيمانهم، وفرقة على شمائلهم، وفرقة على وسطهم فقالت الفرقة اليمنى فجعلت تنهاهم في يوم السبت، وجعلت تقول: الله يحذركم بأس الله. وأما الفرقة اليسرى فأمسكت أيديها، وكفت ألسنتها. وأما الوسطى فوثبت على السمك تأخذه. وجعلت الفرقة الأخرى التي كفت أيديها، وألسنتها، ولم تتكلم. تقول: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فقال: الَّذِينَ يَنْهَوْنَ مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فدخل الذين أصابوا السمك إلى المدينة، وأبى الآخرون أن يدخلوا معهم فغدا هؤلاء الذين أبوا أن يدخلوا المدينة. فجعلوا ينادون من فيها فلم يجبهم أحد. فقالوا: لعل الله خسف بهم، أو رموا من السماء بحجارة، فارفعوا رجلاً ينظر، فجعلوا رجلاً على سلم فأشرف