أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ يعني: أو لم يبين. قال القتبي: أصل الهدى الإرشاد كقوله: عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي يعني: يرشدني. ثم يصير الإرشاد لمعان منها إرشاد بيان مثل قوله أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يعني: أو لم يبيِّن لهم. ومنها إرشادٌ بمعنى بالدعاء كقوله: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ [الرعد: 7] يعني: نبياً يدعوهم وقوله: وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا [الأنبياء: 73] أي يدعون الخلق. وقرأ بعضهم أو لم نهد بالنون يعني: أو لم نبين لهم الطريق. ومن قرأ بالياء معناه: أو لم يبين الله للذين يرثون الأرض من بعد أهلها يعني: ينزلون الأرض مِنْ بَعْدِ هلاك أَهْلِها. ويقول أو نبيّن لأهل مكة هلاك الأمم الخالية كيف أهلكناهم ولم يقدر معبودهم على نصرتهم. أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ يعني: أهلكناهم بذنوبهم كما أهلكنا من كان قبلهم عند التكذيب.
ثم قال: وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ يعني: نختم على قلوبهم بأعمالهم الخبيثة عقوبة لهم فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ الحق ولا يقبلون المواعظ.
ثم قال عز وجل: تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها أي تلك القرى التي أهلكنا أهلها، نخبرك في القرآن من حديثها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يعني: بالعلامات الواضحة، والبراهين القاطعة، التي لو اعتبروا بها لاهتدوا. فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ يعني: إن أهل مكة لم يصدقوا بما كذب به الأمم الخالية. وقال مجاهد: فما كانوا ليؤمنوا بعد العذاب بما كذبوا من قبل وهذا مثل قوله تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا