ثم قال وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ يعني: رؤساء اليهود، لَفاسِقُونَ يعني: لكافرون.
والفاسق هو الذي يخرج عن الطاعة.
ثم قال: أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ يعني: يطلبون منك شيئاً لم ينزله الله إليك في حكم الزنى والقصاص كما يفعل أهل الجاهلية. قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام (تبغون) على معنى المخاطبة، وقرأ الباقون بالياء على معنى المغايبة.
ثم قال: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً يقول: ومن أعدل من الله قضاءً، لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ يعني: يصدقون بالقرآن.
قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ في العون والنصرة، وذلك أنه لما كانت وقعة أحد، خاف أناس من المسلمين أن يظهر عليهم الكفار، فأراد من كانت بينه وبين النصارى واليهود صحبة أن يتولوهم ويعاقدوهم. فنهاهم الله تعالى عن ذلك فقال: لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ يعني: معيناً وناصراً، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يعني: بعضهم على دين بعض، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ يعني: من اتخذ منهم أولياء، فَإِنَّهُ مِنْهُمْ يعني على دينهم ومعهم في النار.
ثم قال إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يعني: لا يرشدهم إلى الحجة. ويقال لا يرشدهم ما لم يجتهدوا، ويقصدوا الإسلام. ثم بين حال المنافقين. فقال: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني: شرك ونفاق يُسارِعُونَ فِيهِمْ يقول: يبادرون في معاونتهم ومعاقدتهم وولايتهم، يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ يعني: ظهور المشركين. ويقال: شدة وجدوبة فاحتجنا إليهم. ويقال: نخشى الدائرة على المسلمين، فلا ننقطع عنهم.