السماء، فأدخلوه الجنة ثم خلق منه زوجه حواء، يعني من ضلعه الأيسر، وكان آدم بين النائم واليقظان. وقال ابن عباس: سميت حواء لأنها خلقت من الحي. ويقال: إنما سميت حواء لأنه كان في شفتها حوة، يعني حمرة فقال عز وجل: وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ أي حواء. يقال للمرأة: زوجة وزوج، والزوج أفصح.
وقوله عز وجل: وَكُلا مِنْها، أي من الجنة رَغَداً، أي موسعاً عليكما بلا موت ولا هنداز- بالزاي المعجمة- هكذا قال في رواية الكلبي يعني بغير تقتير. وقال أهل اللغة:
الرغد هو السعة في الرّزق من غير تقتير.
قوله تعالى: حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ، أي ولا تأكلا من هذه الشجرة.
روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: أنها كانت شجرة القمح. وروى السدي، عمن حدثه، عن ابن عباس أنه قال: هي شجرة الكرم. وروى الشعبي عن جعدة بن هبيرة مثله.
وروي عن علي- رضي الله عنه- مثله. وروي عن قتادة أنه قال: وذكر لنا أنها شجرة التين ويقال: إنما كان النهي عن الأكل من الشجرة للمحنة، لأن الدنيا دار محنة، وقد خلقه من الأرض ليسكن فيها، فامتُحِن بذلك، كما امتُحن أولاده في الدنيا بالحلال والحرام. فذلك قوله عز وجل: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ، أي فتصيرا من الضالين بأنفسكما.
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (36)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها، قرأ حمزة (فأزالهما) بالألف، وقرأ غيره بغير ألف. وأصله في اللغة: من أزلّ يزل، ومعناه فأغراهما الشيطان واستزلَّهما. وأما من قرأ (فأزالهما) بالألف، فأصله من أزال يزيل إذا أزال الشيء عن موضعه.
قوله تعالى: فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ، أي مما كانا فيه من النعم. وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: مكث آدم في الجنة كما بين الظهر والعصر، من أيام الآخرة، لأن كل يوم من أيام الآخرة كألف سنة من أيام الدنيا.
وروي عن ابن عباس أنه قال: لما رأى إبليس آدم في النعمة حسده، واحتال لإخراجه منها، فعرض نفسه على كل دابة من دواب الجنة أن يدخل في صورتها فأبت عليه، حتى أتى الحية وكانت أعظم وأحسن دابة في الجنة خلقاً وكانت لها أربعة قوائم، فلم يزل يستدرجها حتى أطاعته، فدخل ما بين لحييها وأقام في رأسها، ثم أتى باب الجنة وناداهما وقال: ما