هادُوا
يعني: كانوا يحكمون لهم وعليهم. ويقال: يحكم بها الأنبياء من لدن موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجم بحكم التوراة.
ثم قال تعالى: وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ قال بعضهم: الربانيون العلماء والأحبار القراء، ويقال: الربانيون الذين في العمل أكثر، وفي العلم أقل، والأحبار الذين في العلم أكثر وفي العمل أقل، مثل الفقهاء والعباد. ويقال: كالفقهاء والعلماء.
وقال القتبي: كلاهما واحد وهما العلماء، بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ يعني: عُلِّموا واستُودعوا من كتاب الله التوراة، وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ بما في كتاب الله الرجم، وسائر الأحكام.
ثم قال: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ يعني: يهود أهل المدينة، لا تخشوا يهود أهل خيبر، وأخبروهم بآية الرجم، وَاخْشَوْنِ في كتمانه، وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا يعني: عرضا يسيراً.
ثم قال: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ يعني: إذا لم يقر، ولم يبيّن، فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ قال ابن عباس: من يجحد شيئاً من حدود الله فقد كفر، ومن أقر ولم يحكم بها فهو فاسق. روى وكيع عن سفيان قال: قيل لحذيفة: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ نزلت في بني إسرائيل: فقال حذيفة: نعم الأخوة لكم، وبنو إسرائيل كانت لكم كل حلوة، ولهم مرة. لتسلكن طريقهم قدر الشراك. يعني: هذه الآية عامة فمن جحد حكم الله فهو من الكافرين.
ثم بين الحكم الذي في التوراة فقال:
وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47)