ويبرئ من يشاء من الذنوب. ويقال: يكرم من يشاء بالإسلام وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا قال الكلبي ومقاتل: الفتيل الذي يكون في شق النواة وهو الأبيض، ويقال: هو ما فتلته بين أصبعيك من الوسخ، إذا مسحت إحداهما بالأخرى، يعني: لا ينقصون من ثواب أعمالهم بذلك المقدار.

ثم قال تعالى: انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ أي يختلقون على الله الكذب وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً أي ذنباً مبيناً. روى مقاتل عن الضحاك قال: الفتيل، والنقير، والقطمير كلها في النواة. ثم قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يعني أعطوا حظاً من علم التوراة يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الأشرف.

وقال القتبي: كل معبود من حجر أو صورة أو شيطان فهو جبت وطاغوت. قال: ويقال:

الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان. ويقال: في هذه السورة رجلان من اليهود، وإيمانهم بهما تصديقاً لهما وطاعتهم إياهما.

ثم قال تعالى: وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا يعني لمشركي مكة هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا وذلك أن رؤساء اليهود قدموا مكة بعد قتال أُحد، ونقضوا العهد، وبايعوا المشركين وقالوا: أنتم أهدى سبيلاً من المسلمين. حدثنا الخليل بن أحمد، قال: حدثنا الديبلي، قال: حدّثنا أبو عبيد الله، قال: حدّثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة، قال:

جاء كعب بن الأشرف وفي رواية أخرى عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب إلى مكة، فأتيا قريشاً فقالت لهما قريش أنتم أهل الكتاب وأهل العلم، فأخبرونا عنا وعن محمد، ديننا القديم ودين محمد الحديث، ونحن نصل الرحم، ونسقي الحجيج، ونفك العناة، ومحمد صلى الله عليه وسلم صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار، فنحن أهدى أم هو؟ قالا: بل أنتم أهدى سبيلاً منهم. فأنزل الله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ الآية إلى قوله وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا يعني أهدى ديناً من المهاجرين والأنصار.

قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أي خذلهم وطردهم الله من رحمته، ويقال:

عذبهم الله بالجزية وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً أي مانعاً. قوله تعالى: أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ يقول: لو كان لهم، يعني لليهود حظ من الملك فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أي لا يعطون أحداً من بخلهم وحسدهم نقيراً، والنقير: النقطة التي على ظهر النواة أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ أي أيحسدون الناس. ويقال: بل يحسدون الناس يعني به محمداً صلى الله عليه وسلم عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ من النبوة وكثرة تزوجه النساء، ويقولون: لو كان نبياً لشغلته النبوة عن كثرة النساء، فيحسدونه بذلك.

قال الله تعالى فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ يعني النبوة والعلم والفهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015