وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً يعني أعطوا النساء مهورهن فريضة. ويقال: ديانة كما يقال: فلان ينتحل إلى مذهب كذا، أي يدين بكذا. ويقال نحلة أي صدقة وهبة، لأن المهر نحلة من الله تعالى للنساء حيث لم يوجب عليهن وأوجب لهن. وقال في رواية الكلبي: إن أهل الجاهلية كان الولي إذا زوجها فإن كانت معهم في العشيرة لم يعطها من مهرها قليلاً ولا كثيراً، وإن كانت غريبة حملوها على بعير إلى زوجها، ولا يعطوها مهرها غير ذلك البعير شيئاً، فنزل قوله تعالى وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً يعني به الأولياء، يعني أعطوهن مهورهن نحلة. يقول: عطية لهن. وقال في رواية مقاتل: كان الرجل يتزوج بغير مهر، ويقول: أرثك وترثيني، فنزلت الآية وَآتُوا النِّساءَ يعني الأزواج صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً أي مهور النساء نحلة يعني فريضة فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ يا معشر الأزواج أي أحللن لكم ووهبن لكم، قال في رواية الكلبي: يعني الأولياء إذا وهبت المرأة المهر للولي فذلك قوله فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً أي طيباً لا إثم فيه مَرِيئاً أي لا داء فيه، ويقال: هنيئاً مريئاً يعني حلالاً طيباً. وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال: إذا كان أحدكم مريضاً فليسأل من امرأته درهمين من مهرها، حتى تهب له بطيبة نفسها، فيشتري بذلك عسلاً فيشربه مع ماء المطر، فحينئذٍ قد اجتمع الهنيء والمريء، والشفاء والماء المبارك، يعني أن الله سبحانه تعالى سمى المهر هنيئاً مريئاً إذا وهبت، وسمى العسل شفاء، وسمى ماء المطر مباركاً، فإذا اجتمعت هذه الأشياء يرجى له الشفاء.
ثم قال تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ يعني النساء والأولاد الصغار، يعني لا يجعل الرجل ماله في يدي امرأته وأولاده، ثم يجعل نفسه محتاجاً إليهم فلا يدفع إليه عند حاجته. ويقال: لا تدفعوا أموالكم مضاربة، ولا إلى وكيل لا يحسن التجارة. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: مَنْ لَمْ يتفقه فلا يتجر في سوقنا. فذلك قوله تعالى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ يعني الجهال بالأحكام. ويقال: لا تدفعوا إلى الكفار، ولهذا كره علماؤنا أن يوكل المسلم ذمياً بالبيع والشراء، أو يدفع إليه مضاربة ثم قال تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً يعني الأموال التي جعل الله قواماً لمعاشكم. ثم قال: وَارْزُقُوهُمْ فِيها يعني الأولاد