وَالنُّبُوَّةَ وهو عيسى ابن مريم- عليهما السلام- ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ ما جاز له أن يقول للناس: كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ويقال: إن اليهودَ والنصارى اختلفوا فيما بينهم، فجاء الفريقان جميعاً إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقال كل فريق: نحن أولى بإبراهيم- عليه السلام- فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ عَلَى الخَطَأ» فغضبوا. وقالوا: والله ما تريد إِلاَّ أَن نتخذك حَنَّاناً، أي معبوداً، فأنزل الله تعالى مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ، يعني القرآن والحكم، يعني الحلال والحرام والنبوة، ثم يقول للناس كونوا عبادا لى من دون الله وَلكِنْ يقول لهم كُونُوا رَبَّانِيِّينَ أي متعبدين ويقال كونوا علماء فقهاء.
قال الزجاج: الربانيون أرباب العلم، والبيان، أي كانوا علماء بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ أي كونوا عاملين بما كنتم تعلمون، لأن العالم إنما يقال له عالم إذا عمل بما علم، وإن لم يعمل بعلمه، فليس بعالم، لأن من ليس له من علمه منفعة، فهو والجاهل سواء ثم قال: وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ يقول بما كنتم تقرؤون يعني كونوا علماء بذلك عاملين به. قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو «بما كنتم تَعْلَمُون» بنصب التاء والتخفيف، يعني يُعَلِّمكم الكتاب ودراستكم والباقون بضم التاء والتشديد يعني تُعَلِّمُون غيركم فإنما يأمركم بذلك وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً يعني عيسى وعُزَيراً والملائكة- صلوات الله عليهم-، ولو أمركم بذلك لَكَفَر، وتنزع النبوة منه أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ يعني بعبادة الملائكة بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أي مخلصون بالتوحيد لله. قرأ عاصم وحمزة وابن عامر: ولا يَأْمُرَ بنصب الراء ينصرف إلى قوله مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ، فيصير نصباً بأن، والباقون ولا يأمرُكم بضم الراء على معنى الابتداء.
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)
ثم قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ يعني الميثاق حيث أخرجهم من صلب آدم- عليه السلام- وَأَخَذَ عليهم الميثاق العهد أن يبلغ الأول الآخر، وأن يصدق الآخر الأول، فذلك قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ يعني إقرار النَّبِيِّين لَما آتَيْتُكُمْ قرأ حمزة لِمَا آتيتكم بكسر اللام والتخفيف، يعني بما آتيتكم، والباقون بنصب اللام، ومعناه فما آتيتكم يعني، أي كتاب آتيتكم لتؤمنوا به. وقرأ بعضهم بنصب اللام والتشديد، أي حين آتيتكم مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ يعني بيان الحلال والحرام. وقرأ نافع آتيناكم بلفظ الجماعة، وهو لفظ