وهي خمس آيات مكية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ يعني: ألم تخبر بالقرآن. ويقال: ألم تر، يعني: ألم يبلغك الخبر. ويقال: اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به الإخبار، يعني: اعلم واعتبر بصنيع ربك كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ يعني: كيف عذب ربك بِأَصْحابِ الْفِيلِ وكان بدء أصحاب الفيل، ما ذكرناه في سورة البروج، أن زرعة قتل المسلمين بالنار، فهرب رجل منهم إلى ملك الحبشة، وأخبره بذلك. فبعق ملك الحبشة جيشاً إلى أرض اليمن، فأمَّر عليهم أرياطاً، ومعه في جنده أبرهة الأشرم، فركب البحر بمن معه، حتى أتوا ساحلاً، مما يلي أرض اليمن، فدخلوها ومع أرياط سبعون ألفاً من الحبشة، وهزم جنود زرعة، وألقى زرعة نفسه في الماء، فهلك وأقام أرياط باليمن سنين في سلطانه.
ذلك ثم نازعه في أمر الحبشة أبرهة، وكان من أصحابه، ممن وجّهه معه النجاشي إلى اليمن وخالفه أبرهة وتفرق الجند في أرض اليمن، وصار إلى كل واحد منهما طائفة منهم. ثم خرجوا للقتال، فلما تقارب الناس، ودنا بعضهم من بعض، أرسل أبرهة إلى أرياط، أن لا تصنع شيئاً، بأن تلقي الحبشة بعضها في بعض، حتى تفنيها. فأبرز لي وأبرز لك، فأينا أصاب صاحبه انصرف إلى جنده، فأرسل إليه أرياط أن قد أنصفت فاخرج، فخرج إليه أبرهة، وكان رجلاً قصيراً، وخرج إليه أرياط وكان رجلاً طويلاً عظيماً، في يده حربة، وخلف أبرهة عبداً يقال له عنودة وروي عن بعضهم عيودة بالياء، فلما دنا أحدهما من صاحبه، رفع أرياط الحربة، فضرب بها على رأس أبرهة يريد يافوخة، فوقعت الحربة على جبهة أبرهة، فخدشت حاجبيه وعينه وأنفه وشفتيه. فلذلك سمي أبرهة الأشرم، وحمل عيودة على أرياط من خلف أبرهة، فقتل أرياط، وانصرف جند أرياط إلى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن.