ومن سدرة المنتهى، وهو مسكن جبريل على وسطها عليه السلام، فينزلون إلى الأرض، ويدعون الخلق، ويؤمنون بدعائهم، إلى وقت طلوع الفجر. وذلك قوله: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها يعني: جبريل معهم وذكر في الخبر، أن جبريل عليه السلام، وقف على سطح الكعبة، ونشر جناحيه. أحدهما يبلغ المشرق. والآخر يبلغ المغرب. وقال بعضهم: «الروح» خلق يشبه الملائكة، وجهه يشبه وجه بني آدم عليه السلام. وقال بعضهم: هو ما قال الله تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: 85] وقال مجاهد ما نزل ملك إلا ومعه روح، ولهم أيد وأرجل، وهم موكلون على الملائكة، كما أن الملائكة موكلون على بني آدم.
ثم قال عز وجل: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ يعني: ينزلون بأمر ربهم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ يعني:
تلك الليلة من كل أمر سلام، يعني: من كل آفة سلامة، يعني: في هذه الليلة لأمة محمد صلّى الله عليه وسلم، ويقال سلام يعني: لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها شراً. وقال القتبي: إن (مِنْ) توضع موضع (الباء) ، يعني: بكل أمر سلام أي: خير هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ وقال مجاهد:
يعني: كل أمر سلام، وسلام من أن يحدث فيها آذًى، أو يستطيع الشيطان أن يعمل فيها.
ويقال: معناه تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ وقد تم الكلام. يعني:
ينزلون فيها من كل أمر من الرخصة، وكل أمر قدره الله تعالى، في تلك الليلة إلى قابل.
ثم استأنف فقال: سَلامٌ هِيَ يعني: سلام وبركة، وخير كلها حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ.
وروي عن ابن عباس رضي الله، عنهما، أنه قرأ من كل أمر سلام، يعني: الملائكة يسلمون على كل امرئ. وقرأ الكسائي حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ بكسر اللام، والباقون بنصب اللام. فمن قرأ بالكسر، جعله اسماً لوقت الطلوع، ومن قرأ بالنصب جعله مصدراً. يعني: يطلع طلوعاً، والله أعلم بالصواب.