ثم قال عز وجل: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ. قال الحسن: يعني: الصلاة لله تعالى وقال قتادة: كانت اليهود والنصارى يدخلون كنائسهم، ويشركون بالله تعالى. فأمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يخلص الدعوة له إذا دخل المسجد. وقال القتبي: قوله: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ يعني:

السجود لله. ويقال: هي المساجد بعينها يعني: بنيت المساجد، ليعبدوا الله تعالى فيها. فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً يعني: لا تعبدوا أحداً غير الله تعالى. قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم يَسْلُكْهُ بالياء، والباقون بالنون، وكلاهما يرجع إلى معنى واحد. يقال: سلكت الخيط في الإبرة وأسلكته، إذا أدخلته.

قوله عز وجل: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يعني: محمدا صلّى الله عليه وسلم لما قام إلى الصلاة ببطن نخلة. يَدْعُوهُ يعني: يصلي لله تعالى، ويقرأ كتابه. كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً يعني:

يركب بعضهم بعضاً، ويقع بعضهم على بعض. ثم قال عز وجل: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي. قرأ حمزة، وعاصم: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي على معنى الأمر، يعني: قل يا محمد إنما أدعوا ربي، يعني: أعبده. وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً. قرأ الباقون على معنى الخبر عنهم. قرأ ابن عامر في رواية هشام عَلَيْهِ لِبَداً بضم اللام، والباقون بكسرها ومعناهما واحد. وقال القتبي:

يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً أي: يتلبدون به رغبة في استماع القرآن. يقال: لبدت به، أي: لصقت به، ومعناه: كادوا أن يلصقوا به.

قوله تعالى: قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً يعني: لا أقدر لكم خذلاناً ولا هداية. قوله تعالى: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ يعني: لن يمنعني من عذاب الله أحد إن عصيته، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً يعني: ملجأ ولا مفراً. إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ يعني: فذلك الذي يجيرني من عذاب الله ويقال في الآية تقديم، ومعناه قل: لا أملك لكم ضرا إلا أن أبلغكم رسالات ربي، يعني: ليس بيدي شيء من الضر والنفع والهداية، إلا بتبليغ الرسالة.

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في التوحيد، ولم يؤمن به، فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً أي: مقيمين في النار أبداً، يعني: دائماً. وقد تم الكلام. ثم قال عز وجل: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ من العذاب يعني: لما رأوا العذاب، ويقال: معناه أمهلهم حتى إذا رأوا ما يوعدون في الدنيا وفي الآخرة، فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً يعني: مانعاً من العذاب.

وَأَقَلُّ عَدَداً يعني: رجالاً.

فقالوا: متى هذا العذاب الذي تعدنا يا محمد؟ فنزل: قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ يعني: ما أدري أقريب ما توعدون من العذاب، أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً؟ يعني: أجلاً ينتهي إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015